فوجود أعداد كبيرة من المرشحين الشبان ـ للمرة الثانية منذ انتخابات عام 2005 ـ يمثل مرحلة نضج سياسي بالنسبة للعراقيين الذين كانوا رضعا أو أطفالا عندما أطيح بالرئيس الأسبق
صدام حسين، ما قد يؤدي هذا إلى تحفيز المطالبات بالإصلاح، وفق وكالة رويترز.
إذ تتراوح أعمار معظم المرشحين الشبان الجدد بين أواخر العشرينات ومنتصف الثلاثينات، وهو ما يمثل تناقضا حادا مع البرلمان الحالي حيث يبلغ متوسط أعمار النواب نحو 55 عاماً.
فقد أوضحت
المفوضية العليا للانتخابات أن حوالي 40 بالمئة من المرشحين المسجلين تقل أعمارهم عن 40 عاما، ونحو 15 بالمئة منهم تقل أعمارهم عن 35 عاما، أي ما بين 28 و35 عاما.
علماً أنه في انتخابات عام 2021، كانت نسبة المرشحين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما تبلغ 24 بالمئة، وفقا للمفوضية.
وفي السياق، قال مسؤول في
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في
العراق إن "نحو 40 بالمئة من المرشحين المسجلين هم من الشباب، ما يظهر أن هناك اهتماما متزايدا بين الشباب بالمشاركة في رسم مستقبل البلاد".
وأضاف أن "هذا يعكس رغبة في التجديد وفي أن يكون لجيل طالما شعر بالتهميش عن السياسة صوت أقوى".
"السياسة الطائفية"
وقد يُقنع هذا التدفق الجديد للمرشحين الشبان بعض العراقيين بالتصويت لأول مرة بحثا عن بدائل للزعماء الطائفيين الذين انتخبتهم الأجيال الأكبر سنا مرارا.
من جهته، أوضح أنور إبراهيم البالغ من العمر 25 عاماً، أنه "شعر بالإحباط الشديد من السياسة الطائفية في العراق لدرجة أنه قرر الترشح إلى البرلمان، لينضم إلى موجة من الشبان العراقيين الذين يتحدون النخبة المهيمنة على المشهد السياسي لسنوات في انتخابات الأسبوع المقبل".
وقال إبراهيم، وهو ناشط مؤيد للديمقراطية "أعتقد أنه يجب منح الشباب والتكنوقراط المساحة للمشاركة في
إدارة الدولة، وأن علينا وضع حد لهيمنة بعض الأحزاب".
بدوره، قال المرشح الشاب حسين الغرابي "نحن بالتأكيد قلقون من محاولات منع التغيير، فالأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة ستحاول إيقاف أي تغيير حقيقي في العملية السياسية في العراق، وستستخدم أسلحتها ضدنا".
إلا أنه أضاف، قائلاً "إذا نجحنا، فستكون الانتخابات الخطوة الأولى نحو عراق جديد، أما إذا فشلنا، فسيكون الوضع مأساويا وستتراجع الديمقراطية في البلاد بشكل مقلق، وستبقى مجرد حبر على ورق".
مع ذلك، يبدو أن الشبان العراقيين منقسمون بشأن التصويت. فبعضهم متحمسون وآخرون تمكن اليأس منهم مما جعلهم يعزفون عن المشاركة في السياسة.
"بالتأكيد لن أصوت"
فقد مزق
علي عبد الحسين (28 عاما)، وهو عازف كمان وخريج
معهد الفنون الجميلة في
بغداد ويعمل موسيقيا في أحد مطاعم بغداد، بطاقته الانتخابية.
وقال "الذين انتخبناهم سابقا للبرلمان بدأوا حملاتهم بملابس بسيطة ويسافرون بسيارات الأجرة وهم يقولون: صوّتوا لنا لنحقق التغيير".
وأضاف "بعد أن صوتنا لهم، حدث تغيير كبير، إلا انه لم يكن من أجلنا نحن الفقراء، بل من أجلهم.. فبين ليلة وضحاها بدأوا يرتدون بدلات فاخرة ويقودون سيارات فارهة ذات نوافذ مظللة لأنهم لم يعودوا يريدون رؤية وجوهنا.. بالتأكيد لن أصوت".
في حين رأى الخبير الدستوري
كاظم البهادلي المقيم في بغداد أن "شبكات المحسوبية المرتبطة بالأحزاب السياسية توزع الوظائف والعقود والمناصب الأمنية، مما يضمن الولاء ويحد من مساحة المشاركة أمام من هم ليسوا مقربين من الأحزاب".
وأوضح أن "كسر هذه
الحلقة يتطلب ليس فقط إرادة سياسية، بل أيضا إعادة هيكلة جوهرية لموازين القوى الاقتصادية والأمنية، وهو أمر لا تملك النخبة الحاكمة في العراق دافعا حقيقيا للسماح به".
"عراق جديد"
لذا رأى عدد من المراقبين أن أي شاب يسعى لتغيير الوضع الراهن سيواجه مقاومة شرسة.
مع ذلك، يسعى عدد من المرشحين الشبان إلى إعادة صياغة
قانون الانتخابات وتأسيس لجنة انتخابية مستقلة والحد من نفوذ الجماعات المتحالفة مع
إيران على السياسة والانتخابات.
لكن آخرين يخشون أن تسحق الجماعات المسلحة أي تحد لنفوذها. ففي تشرين الاول 2019، اندلعت احتجاجات على ارتفاع معدلات البطالة وسوء
الخدمات العامة والفساد مما أدى إلى حملة أمنية عنيفة أسقطت 149 قتيلا.
وخلص تقرير حكومي أجرى تحقيقا في الأمر إلى أن أكثر من 70 بالمئة من الوفيات نجمت عن طلقات نارية في الرأس أو
الصدر.