وقال المركز في منشور له، "زعم النائب العراقي السابق رحيم الدراجي مؤخراً في مقابلة تلفزيونية أن "شياع صبار حاتم
السوداني" والد
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لم يُعدم على يد نظام
صدام حسين، بل تعرض لحادث سير نُقل على إثره إلى
فرنسا لتلقي العلاج على نفقة الحكومة آنذاك. ولاقى هذا الادعاء تشكيكاً من كثير من المتابعين، وعلى إثر ذلك بدأ مركز أسبر لمدققي المعلومات من التحقق من المعلومات".
وتابع: "تحقق فريق "مركز أُسبر" من صحة هذه المعلومات ودقتها، وبعد غوص معمق في الوثائق والأرشيفات والمصادر المفتوحة، يؤكد أن هذه الرواية تفتقر تماما للمصداقية، إذ إن الحقيقة التاريخية الراسخة، المدعومة بالأدلة القاطعة، تشير إلى أن شياع صبار حاتم السوداني قد أُعدم بالفعل في عام 1980 بسبب نشاطه في
حزب الدعوة الإسلامية المعارض للنظام البعثي".
وأكمل، "الحقيقة: تعرّض شياع صبار السوداني لحادث سير ونُقل إلى الخارج لتلقي العلاج. لكن أثناء وجوده خارج
العراق، كُشف أمر حلقته (مجموعة معارضة تابعة لحزب الدعوة) وتم إلقاء القبض عليه قبل أن يُكمل العملية الجراحية. وبعد تأكدهم من هويته، أُعيد مخفوراً إلى العراق دون أن يُستكمل علاجه. نُقل إلى مستشفى الجمهوري في
ميسان وهو مصاب، وهناك تم اعتقاله رسميا، ثم نُقل لاحقا لتنفيذ حكم الإعدام به".
ولفت إلى أنه "كان إعداما سياسيا لا حادث سير، حيث يجمع الباحثون والمؤرخون، إلى جانب سجلات المنظمات المعنية بتوثيق شهداء حزب الدعوة الإسلامية، على أن شياع صبار حاتم السوداني كان شخصية قيادية فاعلة في الحزب بمحافظة ميسان منذ منتصف السبعينيات، وكان ناشطا سريا في الترويج لفكره المعارض، ما جعله هدفًا للملاحقات الأمنية المتكررة".
وفي آذار/مارس 1980، أصدرت "محكمة
الثورة" في
بغداد حكما بإعدام شياع صبار حاتم السوداني شنقا، بتهمة "الانتماء لحزب الدعوة الإسلامية" و"التآمر ضد نظام الحكم". ونُفذ الحكم في بغداد في أيار 1980، بعد نحو ثلاثة أسابيع فقط من اعتقاله، بحسب المركز,
وتأكيدا لهذه الرواية، ظهرت وثيقة رسمية عام 2023 تتعلق بكتاب صادر عن "محكمة الثورة" في عهد النظام الصدامي بشأن إعدام شياح صبار، واكتفى رئيس الوزراء محمد
شياع السوداني تعليقًا عليها خلال افتتاحه لمعرض بغداد الدولي إعدام والده، بكتابة آية قرآنية جاء فيها "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".
في ذات السياق، لخّص فريق "مركز أسبر" أن عديد المصادر تتضافر لتؤكد رواية الإعدام وتنفي ادعاءات رحيم الدراجي، على سبيل المثال ذكرت الجزيرة نت صراحة في ملفها عام 2022 عن رئيس الوزراء
محمد شياع السوداني، أن والده "اعتقله النظام نتيجة انتمائه لحزب الدعوة، وقد أُعدم مع خمسة من أفراد عائلته عند عودتهم من رحلة علاج في فرنسا".
بالمثل، تحدثت صحيفة قريش في مقال تفصيلي بعنوان "قصة إعدام والد محمد شياع السوداني" يؤكد، استنادًا إلى مصادر مطلعة من أرشيف قيادة
حزب البعث في
واشنطن، أن شياع صبار أُعدم شنقًا بتاريخ 16 أيار 1980، بعد رصده وانتقاده لصدام حسين من فرنسا.
وأشارت
بي بي سي عربي أيضًا في ملف شخصيات عن محمد شياع السوداني، إلى أن والده "التزم أيديولوجيا حزب الدعوة" وتم إعدامه من قبل النظام السابق "بسبب انتمائه الحزبي" ضمن حملة قمع واسعة عام 1980.
إضافة إلى ذلك، لم تظهر أي وثيقة تدعم رواية الدراجي بعد سقوط نظام صدام حسين وفتح الأرشيفات الأمنية للباحثين، بل على العكس، كشفت المذكرات والمراسلات الداخلية عن تفاصيل تؤكد الإعدام عام 1980.
وعلى النقيض تمامًا، لم يعثر "مركز أسبر" على أي وثيقة أو دليل يدعم ادعاء رحيم الدراجي، حيث لا يوجد في أرشيف
وزارة الصحة العراقية، أو في سجلات المستشفيات الفرنسية، أو حتى في وثائق
السفارة العراقية بباريس خلال تلك الفترة، أي سجل طبي يفيد بنقل شياع صبار للعلاج جراء حادث سير، وهذا يتناقض تماما مع سياسة النظام في التعامل مع المعارضين البارزين.
كما لم تنشر أي صحيفة عراقية أو دولية في الثمانينيات أو التسعينيات تقريرًا أو خبرًا يذكر وفاة شياع صبار نتيجة حادث سير أو نقله للعلاج في فرنسا.
وحتى لحظة سقوط بغداد في نيسان 2003، كانت
وزارة الإعلام العراقية تحتفظ بوثائق تؤكد إعدام شياع صبار عام 1980، دون أي إشارة لوفاة طبيعية أو حادث سير.
ولم يسبق أن ذكرت أي وسيلة إعلام أو مؤسسة بحثية، أو معنية بالسجناء والشهداء السياسيين، ما تحدث به الدراجي الذي يعتبر من المعارضين لحكومة السوداني ولم يقدم دليلاً على ما تحدث به.
واتم المركز، بالقول: "بناء على ما سبق، يؤكد "مركز أُسبر" أن جميع الأدلة التاريخية والوثائق الرقمية تتفق على أن شياع صبار حاتم السوداني قد أُعدم في بغداد، بعد اعتقاله بسبب انتمائه لحزب الدعوة الإسلامية ونشاطه السياسي المعارض للنظام البعثي".