وقد أسهم هذا الارتفاع في رفع القيمة الإجمالية لاحتياطيات الذهب لهذه الدول الخمسة إلى نحو 145 مليار دولار، وفقًا لبيانات الأسعار الفورية من بلومبيرغ وبيانات
مجلس الذهب العالمي، بحسب
فوربس.
واتّبع العراق نهجًا نشطًا في زيادة احتياطياته من الذهب، فرفعها منذ 2012 بأكثر من 157 طنًا ضمن استراتيجية لتنويع الأصول وتقليل الاعتماد على النفط، ليصل رصيده إلى 162.7 طن بقيمة 21.6 مليار دولار مطلع 2025. وقد جاءت هذه الزيادة عبر سلسلة مشتريات سنوية بارزة جعلته رابع أكبر دولة عربية من حيث الاحتياطي.
1. السعودية
تتصدّر السعودية
الدول العربية من حيث حجم احتياطي الذهب، الذي بلغ 323.1 طن حتى مابوا أيار 2025، أي ما يعادل نحو 29.6% من إجمالي احتياطي الذهب لدى أكبر 5 دول عربية من حيث الاحتياطات، والبالغ 1,092.8 طن، وفقًا لأحدث بيانات مجلس الذهب العالمي. ومع وصول أسعار الذهب إلى 4,126 دولارًا للأونصة في 23 تشرين الأول 2025، ارتفعت القيمة الإجمالية لاحتياطي المملكة إلى 42.8 مليار دولار. وعلى الرغم من أن حجم احتياطي السعودية لم يتغير منذ كانون الثاني 2016، حين أضافت آخر مرة نحو 0.16 طن، فإن قيمته قفزت بنحو 31.5 مليار دولار خلال تلك الفترة، مدفوعة بارتفاع أسعار
الذهب بنسبة 276%. ويعكس هذا النمو تماشي المملكة مع مستهدفات رؤية 2030، لتعزيز الموارد المالية، وتنويع ركائز الاستقرار الاقتصادي.
2. لبنان
رغم الأزمة الاقتصادية الممتدة التي تمرّ بها الدولة، حافظ
مصرف لبنان على احتياطي الذهب دون تغيير، ليستقر عند 286.8 طن حتى آذار
2025، بقيمة تتجاوز 38 مليار دولار، ما يجعل لبنان ثاني أكبر دولة عربية من حيث احتياطي الذهب. إلا أن الاقتصاد اللبناني لا يزال يعاني من ضغوط حادة، إذ انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسة 7.5 في عام 2024، مقارنة بتراجع بسيط بلغ %0.7 في العام الأسبق، وفقًا لتقديرات
صندوق النقد الدولي. كما سجّل مؤشر أسعار الاستهلاك ارتفاعًا سنويًا نسبته 14.2% في آب 2025، مقارنة بالشهر نفسه لعام 2024، حسب بيانات إدارة الإحصاء المركزي.
3. الجزائر
نحتل الجزائر المرتبة الثالثة عربيًا في حجم احتياطي الذهب، إذ بلغ 173.6 طن في تموز 2025،
بقيمة تُقدَّر بنحو 23 مليار دولار، وهو مستوى مستقر منذ أيار 2019. وحسب بنك الجزائر، تراجع قائم احتياطات الصرف الرسمية إلى 68.3 مليار دولار في نهاية عام 2024، مقارنة ب69.8 مليار دولار في 2023، ما يكفي لتغطية نحو 15 شهرًا من الواردات.
4. العراق
بخلاف كل من السعودية ولبنان والجزائر، التي لم تُجرِ أي تغييرات على احتياطياتها من الذهب منذ سنوات، بيعًا أو شراءً، يعكس حلول العراق في المركز الرابع عربيًا، نهجًا نشطًا في تراكم
المعدن النفيس. فمنذ عام 2012، رفع العراق احتياطياته بأكثر من 157 طنًا، في إطار استراتيجية تهدف إلى تنويع أصوله، وتقليل اعتماده على عائدات النفط. وبحلول كانون الثاني 2025، بلغ احتياطي الذهب لدى العراق 162.7 طن، بقيمة 21.6 مليار دولار. وقد شهدت تلك الفترة زيادات بارزة، أهمها 23.9 طن في عام 2012، و12.4 طن في 2013، و47.6 طن في 2014، وهي أكبر زيادة سنوية مُسجَّلة، بالإضافة إلى 6.5 طن في 2018، و0.1 طن في عام الجائحة 2020، و33.9 طن في 2022، عام الحرب الروسية، و12.3 طن في 2023، عام تصاعد الصراع في غزة، و20.1 طن في 2024، وأخيرًا 0.03 طن في كانون الثاني 2025.
5. ليبيا
تُعد ليبيا خامس أكبر دولة عربية من حيث احتياطي الذهب، الذي بلغ 146.7 طن حتى آب 2025، بقيمة تقدَّر بنحو 19.5 مليار دولار، بعد تسجيل الأونصة 4,126 دولارًا في 23 تشرين الأول 2025. وخلال عام 2011، مع تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد، اضطرت ليبيا إلى بيع نحو 27.2 طن من الذهب، ثم بعد 11 عامًا من استقرار الاحتياطيات، أضافت 30 طنًا في حزيران 2023.
منذ ذلك الحين، أسهم الارتفاع الحاد في أسعار الذهب بنسبة 112.3% برفع قيمة احتياطي البلاد بنحو 10.3 مليار دولار، ما رسَّخ مكانة المعدن الأصفر كأداة دفاع مالية لمواجهة التقلبات الاقتصادية.
تُظهر البيانات أن الارتفاع التاريخي في أسعار الذهب خلال عام 2025 لم يكن مجرد موجة صعود عابرة، بل نتيجة تفاعل معقّد بين عوامل اقتصادية وجيوسياسية دفعت الدول إلى تعزيز اعتمادها على المعدن النفيس كأداة أمان مالي. ورغم اختلاف سياسات الدول العربية الخمس في إدارة احتياطياتها، بين محافظٍ على المستويات الحالية وساعٍ إلى زيادتها، فإن العامل المشترك بينها هو إدراك الدور المتصاعد للذهب في حماية اقتصاداتها من تقلبات الأسواق العالمية. ومع استمرار الضبابية العالمية وتبدّل السياسات النقدية، يبدو الذهب مرشحًا للبقاء في صدارة الأصول الإستراتيجية التي تستند إليها الدول في تعزيز استقرارها المالي وتنويع مصادر قوتها الاقتصادية.