هذا الإنجاز الذي لم يكن أحد ليتوقعه، جاء في توقيت صعب يصعب معه الاحتفال، فأحد شروط تحقيق الانسحاب كان إيقاف الهجمات على القواعد الامريكية خلال فترة التفاوض وهو ما التزمت به فصائل المقاومة في العراق كليًا او بشكل كبير على الأقل، فكيف بعد اعلان البدء بالانسحاب؟، حيث سيكون على فصائل المقاومة الالتزام الكامل بعدم التعرض للقواعد والأماكن التي تتواجد فيها القوات الامريكية خلال الفترة الانتقالية.
وهذا ما تضمنه بشكل واضح البيان المشترك العراقي الأمريكي، في نقطته الثالثة والتي جاء فيها: "تلتزم اللجنة العسكرية العليا بإجراءات تأمين وحماية مستشاري التحالف المتواجدين في العراق خلال الفترة الانتقالية، وفقا للدستور والقوانين العراقية، وقد بدأت الخطوات العملية لتنفيذ هذه الالتزامات".
غير أن هذا الالتزام سيكون اختبارا صعبا لفصائل المقاومة في العراق، فالبرغم من انشغالها طوال الفترة الماضية على توجيه طائراتها المسيرة وصواريخها صوب الكيان الإسرائيلي، الا ان المتغيرات الجديدة لا تسمح باستثناء الامريكان والتركيز فقط على الكيان.
فالجانب الإيراني، حمل القوات الامريكية بوضوح مسؤولية اغتيال حسن نصر الله وان العملية تمت بسلاح امريكي، وهو ماعبر عنه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أكد أنّ "الولايات المتحدة شريكة في اغتيال السيد نصر الله، وأنّه لا يمكنها التنصّل من هذه الحقيقة".
وأكد الجانب الإيراني وعبر العديد من الشخصيات والأجهزة الحكومية والمسلحة والشخصيات القيادية، ان عملية اغتيال السيد حسن نصر الله ستزيد من ضربات المقاومة.
وفقا لهذه المعطيات، فأن من الواضح ان الفصائل لن تكتفي بضرب اهداف إسرائيلية فحسب، بل يتطلب الامر المزيد من الضربات على الجانب الأمريكي بصفته شريكا وموافقا على عملية اغتيال نصر الله رغم نفي الجانب الأمريكي علمه بالعملية رغم ابداء رضاه عنها.
ويعبر بيان كتائب حزب الله الذي سبق البيان المشترك لاعلان انهاء مهمة التحالف الدولي، بشكل واضح عن مدى "الخيارات الصعبة"، حيث قالت كتائب حزب الله انه "في الوقت الذي نشكر فيه رئيس الوزراء العراقي على مواقفه الوطنية وجهوده لإخراج قوات الاحتلال الأمريكي من العراق، نطالبه بعدم التعجل في الإعلان عن أي اتفاق مع العدو الأمريكي قبل إتمام التفاهم-والذي بدأ ولم ينتهِ بعد- مع قادة الإطار التنسيقي، وتنسيقية المقاومة العراقية".
وأضاف البيان، أن "توقيت الإعلان غير مناسب، لاشتراك الأمريكان وتورطهم في جرائم القتل الجماعي بحق الأطفال والنساء والأبرياء، وعمليات الغدر التي تحدث في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا، وكذلك من أجل عدم تباين المواقف بين القوى السياسية في هذا الظرف الحساس".
يتضح أن الفترة القادمة ستشهد تباينا في مواقف القوى السياسية بين ضرب او عدم ضرب المواقع الامريكية، كما حذر بيان حزب الله، كما لم يكشف البيان طبيعة الاتفاق او التفاهم الذي "بدأ ولم ينتهِ" بين السوداني وبين قادة الاطار التنسيقي وتنسيقية المقاومة، كما أشار بيان كتائب حزب الله.
ما الخيارات المتاحة؟
ستكون فصائل المقاومة من جهة، والقوى السياسية والحكومة العراقية من جهة أخرى في حرج وخلافات كبيرة، بين ضرورة ضرب او عدم التعرض للتواجد الأمريكي، كما ان فصائل المقاومة تقع تحت حرج كبير من ضرورة أن تكون الضربات اكثر قوة في الفترة القادمة بعد اغتيال السيد حسن نصر الله.
وفي حال استبعاد الخيار الأول المتمثل بضرب الامريكان في العراق، سيؤدي الى استدراك ان تكثيف فصائل المقاومة لضرباتها على الكيان فقط، يعني رفع المزيد من انتباه الكيان على مدى خطورة فصائل المقاومة العراقية وهو ما سيؤدي الى ضربة إسرائيلية حتمية على الأراضي العراقية.
او ان الخيار الثالث هو ان تقوم فصائل المقاومة باستهداف القوات الامريكية لكن خارج العراق، سواء في سوريا وهو خيار قائم ومستمر وليس جديدًا، او في الأردن والامارات وباقي دول المنطقة، كما سبق وان هددت قيادات في فصائل المقاومة باستهداف المصالح الأمريكية في الامارات.