ووفقًا لتقرير مُفصّل نشره موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، فإن "جيش الدفاع الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات الموساد يُجهّزان حاليًا لمواجهة تهديد متنامي من
العراق، وهو سيناريو لا يشمل فقط ضربات صاروخية بعيدة المدى وطائرات مُسيّرة، بل يشمل أيضًا احتمالًا لم يكن مُتوقعًا سابقًا، وهو تنفيذ مناورة برية عبر
سوريا مُوجّهة نحو الحدود الأردنية الإسرائيلية".
ويأتي هذا التحليل المثير للقلق، المنسوب إلى مصادر في القيادة الشمالية الإسرائيلية، في الوقت الذي تشير فيه
الولايات المتحدة إلى موقف حازم جديد تجاه مواجهة النفوذ الإيراني في العراق.
إن
التعيين الأخير للمبعوث الأمريكي الخاص الجديد، مارك سافايا، بتفويض واضح لاستعادة السيادة العراقية والحد من قوة التدخل الخارجي، مهد الطريق لمواجهة محتملة مع نفس الفصائل المدعومة من
إيران والتي أصبحت الآن محور قلق
إسرائيل المتزايد.
ويشير التقارب بين هذين التطورين إلى أن العراق يتحول بسرعة إلى ساحة مركزية مثيرة للجدل في المنافسة الاستراتيجية الأوسع بين المحور الأميركي الإسرائيلي والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ووفقًا لتقرير والا، تُوظّف المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية مواردها لمواجهة مصدري تهديد رئيسيين قادمين من العراق.
ويتمثل الخطر الأبرز والأكثر إلحاحًا في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من الأراضي العراقية، وهو تكتيك استخدمته الفصائل خلال حرب "سيوف من حديد".
وقد أظهرت هذه الهجمات، التي غالباً ما تتبناها جماعات غامضة لإخفاء ارتباطاتها المباشرة بفصائل أكثر رسوخاً، قدرة هذه الفصائل على ضرب أهداف في عمق إسرائيل، وهو تهديد مماثل في طبيعته للتهديد الذي يشكله الحوثيون في
اليمن.
المسار الثاني، وربما الأكثر إثارة للقلق، هو المناورة البرية. يتضمن السيناريو الذي يتصوره المخططون الإسرائيليون انطلاق قوة من العراق، والتحرك عبر الأراضي السورية المضطربة والفوضوية، ثم التقدم نحو الحدود الإسرائيلية الأردنية الطويلة والهادئة تاريخيًا.
ويشير التقرير إلى أن "هذا السيناريو نفسه كان بالفعل موضوع تدريبات عسكرية أجرتها الفرقة الشرقية لجيش الدفاع الإسرائيلي في وادي
الأردن، مما يشير إلى أنه يتم التعامل معه باعتباره حالة طارئة ذات مصداقية وخطيرة".
ويتزايد القلق إزاء هذا التهديد المتزايد بسبب النشاط رفيع المستوى على الأرض.
ويؤكد تقرير والا أن قائد
فيلق القدس الإيراني،
إسماعيل قاآني، زار العراق مؤخرا، حيث تُعتبر هذه الزيارات عادةً دليلًا على التنسيق الاستراتيجي والتخطيط العملياتي، مما يعزز التقييم الإسرائيلي بأن إيران تستثمر بنشاط في وكلائها العراقيين وتوجههم للقيام بأعمال محتملة ضد إسرائيل.
وتتمتع المجموعة المسلحة بتاريخ طويل في استهداف القوات الأميركية في المنطقة، كما أنها مسؤولة عن طرق التهريب المهمة التي تنقل الأسلحة وغيرها من المواد غير المشروعة من العراق إلى سوريا، وهي شريان لوجستي حيوي لشبكة إيران الإقليمية.
ويشير تقرير والا إلى أن
سلاح الجو الإسرائيلي، وفقًا لمنشورات أجنبية، نفذ، بمساعدة الموساد، هجمات في المنطقة لردع الفصائل المسلحة.
كما ذكر التقرير أن "رسائل تهديد واضحة" نُقلت من إسرائيل إلى
بغداد عبر وساطة أمريكية، مما يشير إلى وجود خط اتصال مباشر بشأن أنشطة هذه الجماعات على الأراضي العراقية.
ويشير التقرير إلى أن عملية "الأسد الصاعد" التي شنتها إسرائيل استهدفت على وجه التحديد مراكز لوجستية في إيران بالقرب من الحدود العراقية كانت تستخدمها هذه الفصائل، مما يدل على استعدادها لضرب مصدر دعمها.
ويتزامن القلق الإسرائيلي المتزايد بشأن أنشطة إيران في العراق مع تحول كبير في السياسة الأميركية، والذي بشر به تعيين مارك سافايا مبعوثاً أميركياً خاصاً جديداً.
وأصدر سافايا، رجل الأعمال من منطقة ديترويت من أصل كلداني عراقي وله علاقات شخصية وسياسية عميقة مع
الرئيس دونالد ترامب، بيانا تنصيبيا قويًا يوم الجمعة، معلنًا عن مهمته في توجيه العراق نحو السيادة الكاملة وتعهد صراحة بمواجهة "التدخل الخارجي الخبيث، بما في ذلك من إيران ووكلائها".
إن بيانه، الذي اختتمه بشعار
ترامب "لنجعل العراق عظيما مرة أخرى"، وضع مخططا واضحا لموقف أمريكي أكثر حزما.
وأعلن سافايا أن "حكومة الولايات المتحدة أوضحت أنه لا مكان للجماعات المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة"، متحدياً بشكل مباشر شرعية الفصائل ذاتها التي تشغل الآن جيش الدفاع الإسرائيلي والموساد.
ومن المتوقع أن تتضمن مهمة المبعوث الجديد استراتيجية متعددة الجوانب لتفكيك ما يطلق عليه غالبًا الاقتصاد الموازي للعراق- وهي شبكة من البنوك والشركات والجهات الفاعلة المالية التي يُزعم أنها تستخدم للتهرب من العقوبات الأمريكية ودعم الجماعات الوكيلة لإيران.
ومن المتوقع أن يعمل سافايا، من خلال الاستفادة من خبرته التجارية، على إعطاء الأولوية للسياسة الاقتصادية، والدفع نحو مزيد من الشفافية المالية وتعزيز استقلال العراق في مجال الطاقة لتقليل اعتماده على الغاز والكهرباء الإيرانيين.
إن التقاء الاستعداد العسكري الإسرائيلي المتزايد مع الموقف الدبلوماسي الجديد الحازم لواشنطن يُنشئ ديناميكية جديدة متقلبة وغير متوقعة.
فبينما تستعد إسرائيل لمواجهة عسكرية محتملة تنطلق من الأراضي العراقية، تنطلق الولايات المتحدة في حملة سياسية واقتصادية لتحييد الجماعات التي تُشكل هذا التهديد.
إن نجاح أو فشل مهمة سافايا في "جعل العراق عظيمًا مجددًا" باستعادة سيادته سيكون له تداعيات مباشرة وعميقة على حسابات إسرائيل الأمنية.