وأكد
مدير مديرية مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، اللواء الحقوقي مصطفى
الياسري، أن إنشاء الوحدة الجديدة جاء استجابة لتصاعد الأنشطة الإجرامية التي تعتمد على المنصات الرقمية في الاستدراج والتسويق والاتصال بالضحايا، مبيناً أن فريق الوحدة سيعنى برصد الإعلانات الوهمية وصفحات الاستدراج، وتحليل حركة الحسابات المشبوهة، ومتابعة حالات استغلال النساء والأطفال عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وشدد الياسري على أن الخطوة تشكل محوراً أساسياً في تحديث منظومة الأمن الرقمي داخل
وزارة الداخلية، إذ تتكامل مع خطط تطوير أدوات التحري والملاحقة، ورفع كفاءة فرق الرصد الإلكتروني، وتوسيع استخدام تقنيات التحليل والاستدلال الرقمي، بما يعزز قدرة الأجهزة المختصة على كشف الشبكات الإجرامية التي تتخفى خلف هويات وهمية أو تعمل عبر أجهزة خارج البلاد.
وبيّن أن المشروع يأتي تنفيذاً لتوجيهات
وزير الداخلية رئيس
اللجنة العليا لمكافحة الاتجار بالبشر، وبمتابعة مباشرة من وكيل الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، وانسجاماً مع الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر المصادق عليها من
مجلس الوزراء، التي وضعت إطاراً عملياً للوقاية والرصد والملاحقة القضائية والاستخبارية وتنسيق الاستجابة الوطنية.
وفي السياق نفسه، أوضح الياسري أن الوزارة تعمل بالتوازي على تطوير منظومات الرصد المبكر بالتعاون مع دائرة الجريمة المعلوماتية، واعتماد منصة وطنية موحّدة لتحليل البيانات والبلاغات الخاصة بجرائم الاتجار، بما يتيح سرعة تتبّع أنماط الجريمة، وربط المعلومات بين الجهات المختصة، واتخاذ إجراءات فورية تجاه أي مؤشرات خطرة.
وأشار إلى أن الخطة تتضمن تعزيز التنسيق مع
مجلس القضاء الأعلى عبر القضاة المختصين بقضايا الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، لضمان سرعة البت في الملفات وتوفير الأسانيد القانونية للتحقيقات، إلى جانب توسيع التعاون المؤسسي مع وزارات العمل والصحة والاتصالات والتربية والخارجية، وربط جهودها ضمن إطار موحّد تشرف عليه اللجنة العليا، بهدف ضمان وحدة الإجراءات وتكاملها من مرحلة الإنقاذ إلى إعادة التأهيل والحماية.
وأكد مدير المديرية أن العمل جارٍ أيضاً على دعم دور الإيواء وتوحيد آليات التعامل مع الضحايا وفق المعايير الوطنية والدولية، خصوصاً في ما يتعلق بتقييم المخاطر، وإجراءات الحماية، وتقديم الخدمات النفسية والاجتماعية، وتوفير المأوى الآمن بإشراف مختصين.
وفي محور الشراكات الدولية، لفت الياسري إلى أن المديرية توسّع تعاونها مع منظمات
الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، وفي مقدمتها
مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، ومنظمة الهجرة الدولية (IOM)، والإنتربول، والوكالة البريطانية NCA، مؤكداً أن هذه الشراكات أسهمت في تطوير برامج تدريبية مشتركة في التحليل الرقمي وبناء القدرات، وتبادل المعلومات، والدعم الفني والتقني، بما يمكّن
العراق من مواجهة الأساليب المتطورة للشبكات الإجرامية العابرة للحدود.
وكشف الياسري عن استكمال تعديل قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012 من قبل اللجنة العليا والمختصين في وزارة الداخلية، موضحاً أن التعديل سيُعرض على
مجلس النواب في دورته المقبلة للتصويت عليه، نظراً لما يتضمنه من معالجات جوهرية تهدف إلى سد الثغرات التي ظهرت خلال التطبيق، وتوفير حماية موسعة للضحايا، وتمكين
الأجهزة الأمنية والقضائية من أداء مهامها بفاعلية أكبر.
وعن آليات استقبال البلاغات، أكد الياسري أن الوزارة تعمل على إطلاق نافذة خاصة ضمن بوابة أور الإلكترونية لتمكين المواطنين من تقديم الشكاوى من جميع المحافظات، بما فيها
إقليم كردستان، على أن ترتبط النافذة مباشرة بسكرتارية اللجنة العليا، مع إحالة البلاغات فوراً إلى فرق التحري في مديرية مكافحة الاتجار بالبشر. ويتزامن هذا الإجراء مع استمرار العمل عبر الخط الساخن 911 وربطه بفرق الإنقاذ المختصة.
كما تتضمن خطة الوزارة تشديد الرقابة على حركة العمالة الأجنبية عبر ضوابط موحدة للمتابعة الميدانية، وتكثيف الجهد الاستخباري في المناطق التي تشهد نشاطاً للشبكات الإجرامية، وتطبيق إجراءات أكثر صرامة تجاه مكاتب الاستقدام المخالفة.
وفي جانب التوعية، أشار الياسري إلى قرب إطلاق حملة وطنية شاملة تستهدف الأطفال والطلبة والنساء والعمالة الأجنبية والمجتمع المحلي، إضافة إلى أصحاب الفنادق ومكاتب السفر واستقدام العمالة، عبر رسائل توعوية تبثها القنوات الفضائية ومنصات التواصل وشركات الاتصال، إلى جانب برامج مدرسية وجامعية بالتعاون مع
وزارة التربية لترسيخ ثقافة الوقاية والحماية.
وبيّن أن اللجنة العليا لمكافحة الاتجار بالبشر ستواصل الإشراف على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية، ومتابعة التزامات الوزارات، وإعداد التقارير السنوية التي تُرفع إلى
وزارة الخارجية لإحالتها عبر القنوات الرسمية إلى الشركاء الدوليين، وذلك لضمان الالتزام بأعلى المعايير الدولية، وتطوير منظومة الاستجابة الوطنية، وتعزيز مكانة العراق بعد خروجه من قائمة المراقبة الدولية وفوزه بجائزة البطولة العالمية.
وختم الياسري موضحاً، أن خطة المديرية للعام المقبل ترتكز على أربعة مسارات متوازية: تعزيز العمل الاستخباري، وتطوير التقنيات الرقمية، وتحديث المسار التشريعي، وتوسيع الشراكات الدولية، مؤكداً أن هذه المسارات ستمكّن العراق من مواجهة جميع أشكال الاتجار بالبشر بكفاءة أعلى، وترسيخ موقعه الريادي إقليمياً في هذا الملف الإنساني والأمني.