المفاوضات.. ايران تجالس امريكا والعالم يقف مراقبًا

انقضى السبت الأول، والجميع يترقب السبت الثاني من سلسلة المفاوضات الايرانية الامريكية التي وصفها البعض بالتاريخية، ليست لأنها غير مسبوقة، فهي الثانية خلال 10 اعوام بعد الاتفاقية النووية عام 2015، لكنها تاريخية لأهميتها بفعل توقيتها وكذلك نوع الطرف الامريكي المقابل لايران في هذه المفاوضات.

اصلاحيو ايران يفاوضون متشددي امريكا.. ترامب يصلح ما افسده في 2018

على الجانب الايراني كانت الحكومة الاصلاحية برئاسة بزشكيان مفوضة من قبل المرشد الاعلى لإتمام التفاوض، ما يجعل الامر طبيعيًا نسبيًا بالنسبة لأدبيات الحكومة الاصلاحية، لكن على الطرف الاخر الامريكي يقف ترامب، الرئيس اليميني المحافظ المتهور، والذي انسحب هو ذاته من الاتفاقية النووية مع ايران عام 2018 واعتبر الاتفاقية لاغية من طرف واحد.

7 سنوات من العقوبات والخصومات والثارات.. تفاوض بعد "قطع الهلال"

كما أنّ توقيت المفاوضات يضيف اهمية مضاعفة عليها، فبعد 7 سنوات من العقوبات والخصومة، والضربات المتبادلة واغتيال الخبراء في الداخل الايراني والقادة العسكريين في العديد من بلدان الشرق الاوسط، والهجمات الصاروخية لمحور المقاومة على القواعد الامريكية، وبعد الشرارة الكبرى التي اشعلت المنطقة والحرب الكبيرة المتمثلة بطوفان الاقصى، وعقب سقوط النظام السوري السابق برئاسة بشار الاسد وفقدان محور المقاومة لسوريا، وضعف حزب الله واغتيال القادة، كل ذلك يجعل التفاوض الامريكي الايراني تاريخيًا لناحية الأهمية.

مفاوضات غير مباشرة ومصافحة مباشرة.. رضًا متبادل عن الجولة الاولى

انقضت الجولة الاولى من التفاوض في سلطنة عمان يوم السبت الماضي، وكان الجانبان راضيين عن النتائج، وبالرغم من انها كانت مفاوضات غير مباشرة، الا ان الطرف الايراني المتمثل بوزير الخارجية عباس عراقجي، والطرف الامريكي المتمثل بمبعوث ترامب الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف، التقوا مباشرة وجها الى وجه بعد انتهاء المفاوضات غير المباشرة والمكتوبة بين الجانبين عبر الوسيط العماني في غرفتين منفصلتين.

بعد جدل المباشرة وغير المباشرة.. خلاف حول نقل المفاوضات من عمان الى اوروبا

أمّا الجولة الثانية، فستكون يوم غد السبت أيضًا، لكن بعد الجدل الايراني الامريكي حول عقد مفاوضات مباشرة ام غير مباشرة، يبدو أن هناك جدلًا جديدًا حول موقع المفاوضات، فالتقارير تقول ان موقع الجولة الثانية سيعقد في اوروبا بدلا من سلطنة عُمان، وربما في العاصمة الايطالية روما، لكن الجانب الايراني يبدو أنه غير راضٍ عن تغيير موقع التفاوض، بل ووصفته الخارجية الايرانية بأنه رسالة عدم ثقة ويهدد سلامة المفاوضات.

واشنطن: "البرنامج النووي والصواريخ والفصائل" مقابل رفع العقوبات

وتتنوع الخلافات بين الجانبين حول ما الذي سيتم التفاوض حوله، فالجانب الامريكي يريد تفكيك البرنامج النووي الايراني بالكامل، وتفكيك برنامج الصواريخ الباليستية بعيدة المدى فضلا عن ايقاف الدعم للفصائل المسلحة ضمن محور المقاومة في بلدان المنطقة، كل ذلك مقابل رفع العقوبات عن ايران واعادة اندماجها في المجتمع الدولي.

طهران: لا نفكك البرنامج النووي ولا الصواريخ ولا الفصائل.. سنضحي بالسلاح النووي فقط

لكن ايران، والتي وصلت بنسبة تخصيب اليورانيوم الى 60% بينما تحتاج البرامج النووية لاغراض سلمية الى نسبة تخصيب لا تتجاوز الـ4 الى 5%، ترفض رفضا قاطعا تفكيك البرنامج النووي او التفاوض حوله، وتوافق فقط على مراقبة البرنامج النووي وعدم تصنيع اسلحة نووية والعودة الى النسب السلمية من التخصيب، كما أنها ترفض مناقشة البرنامج الصاروخي، فضلا عن دعم فصائل المحور التي تقول انها لا تدعمها وغير مسؤولة عنها.

ايران وامريكا تتفاوضان.. والعالم غاطس في الترقب والاهتمام

وبالرغم من أن الجانبين الايراني الامريكي هما الاشد حاجة لهذه المفاوضات لأسباب تتعلق بضرورة رفع العقوبات بالنسبة لايران، وكذلك بالنسبة لسلامة النفوذ في المنطقة بالنسبة لامريكا، الا ان بلدان الشرق الاوسط بل وبلدان 5 قارات ربما هي الاشد ترقبا لمسار المفاوضات كونها تؤثر بشكل مباشر على امن المنطقة وسلامتها بل وتحالفاتها واقتصادها أيضًا.

نقاش الفصائل والنظام والضربات والعقوبات.. العراق اكثر المترقبين للتفاوض

ويقف العراق على قمة جبل البلدان المراقبة للمفاوضات، فالعراق هو الأكثر تأثرًا بما قد تؤول اليه رحلة المفاوضات هذه سواءً انتهت بمحطة إيجابية او سلبية، خصوصًا وان العراق عاش عاما كاملا من الترقب والتهديد تحت احتمالية توجيه ضربات اسرائيلية او عقوبات امريكية قد تطال الاقتصاد والنظام المصرفي العراقي نتيجة لتورط بعض الفصائل المسلحة في حرب الطوفان وكذلك تورط بعض المؤسسات ربما في تهريب النفط الايراني وتهريب الدولار الى الجانب الايراني والاحتيال على العقوبات الامريكية.

المفاوضات.. أوّل صداقة منذ نصف قرن ام ضربات "غير مسبوقة"؟

وعمومًا، اذا تمت المفاوضات بسلام دون اطالة امدها ورفعت العقوبات عن ايران وتنفذت الشروط الامريكية، ودخلت الاستثمارات الامريكية الى ايران كما تشير بعض التقارير والتحليلات، فهذا يعني حدوث تطور لم يشهده العالم منذ نصف قرن، اي منذ ان انقطعت العلاقات الامريكية الايرانية بعد الثورة الاسلامية عام 1979، اما اذا انهارت المفاوضات، فسيكون الكيان الصهيوني قد القى الحجة على ترامب ويطالبه بالتحرك العسكري وتوجيه ضربات الى ايران، وهذا كله سينعكس في النهاية على مصير العراق.

هذا التقرير من ضمن برنامج "حصاد السومرية" من تقديم ليلى قيس وإعداد غرفة أخبار "السومرية"، يُعرض كلّ جمعة السّاعة 8:30 مساءً. لمشاهدة الحلقة كاملة، انقر هنا.