بلديات بغداد جيب مثقوب.. دخول الأموال ليس كخروجها!

يمكن وصف الانفاق والتمويل لدوائر البلدية في بغداد، بأنّه أشبه بالنفخ في قربة مثقوبة، فحجم الأموال التي تحصل عليها دوائر البلدية لا يشبه الواقع على الأرض، فدوائر البلدية جيب مثقوب وغير معلوم النهاية، فإذا كانت جيوب البلدية مسقط رأس الأموال المليارية، لكن نهايتها هي قبور مجهولة وبلا شواهد تدل عليها.

في العراق، يتكرر مصطلح "الهدر" بصفته واحدا من أكثر المفردات التي تذكر في سياق الحديث عن الفساد غالبًا، وقد يكون الهدر أكثر ابتلاعًا للأموال من السرقة ذاتها، لكن الهدر قد يكون رسميًا أحيانًا وشرعيًا ما يجعل عملية ملاحقته مستعصية بعض الشيء.. وعندما يكون تشخيص الهدر مستعصيًا فلن يكون أمام المراقب سوى مرادف الهدر، المتمثل بالسرقة، لإيجاد إجابة عن حالة انفاق الأموال دون آثار واضحة لهذا الانفاق.

بلديات بغداد.. مثلث برمودا الأموال

وبالرغم من ان ملف الإيرادات والنفقات في العراق بمختلف المؤسسات الحكومية، يعد ملفًا مليئا بالاسرار، لكن بلديات بغداد بمثابة "مثلث برمودا" العراق على صعيد ملف الإيرادات والجبايات، بفعل حجم الأموال التي تدخل الى البلديات وكأنها دخلت الى نفق مجهول النهاية.

نسف حجة "قلة التخصيصات".. الجبايات 10 أضعاف موازنة المحافظة

لسنوات طويلة وبلديات وامانة بغداد متهمة بالسوء والتردي الذي وصلت اليه العاصمة بغداد، من تراكم النفايات وتهالك البنى التحتية والتجاوزات وتجريف المساحات الخضراء وتقطيع الأراضي، وبينما كانت الأمانة تتحجج بضعف التخصيصات المالية، الا ان التقديرات عن ما تجبيه من اموال قد تعادل 10 اضعاف حصتها من الموازنة، دون أن يعلم احد عنها شيء.

جبايات تنظيف ولافتات واجازات بناء وتأجير المدن الصناعية.. 10 أبواب جباية للبلديات

ابواب الجبايات التي تستحصلها بلديات أمانة بغداد متنوعة وتفوق الـ10 أبواب، بين جبايات اجازات البناء وجبايات التنظيف واللافتات الدعائية والايجارات التي تستحصلها من المحال التجارية والمدن الصناعية وتأجير الاكشاك والكراجات والمتنزهات وغيرها الكثير من ابواب الجبايات، المنتظمة وغير المنتظمة.

الأموال تضل طريقها الى الخزينة وتختبئ بجيوب الموظفين

وتختلف التقديرات عن حجم هذه الجبايات ومبالغها، نتيجة سرية الملف وابواب الفساد التي تنتهي بالجبايات الى مصير مجهول، ويتم تقاسمها بين الموظفين والمسؤولين، وهذا ما قاله رئيس الوزراء السوداني بشكل علني امام مسؤولي الامانة، عندما قال إن 99% من اجازات البناء يؤخذ عليها رشوة من قبل الموظفين.

صفقة الغرامات.. نصف المبلغ الى جيب الموظف ام مبلغ كامل للخزينة؟

ومن المعروف ان عمليات بيع وشراء الاراضي والعقارات لا تتم الا بدفع رشاوى لموظفي الامانة خصوصا في عملية الكشف على العقار وتقليل مبلغ الغرامة المفروضة على المنزل الى النصف، لكن هذا المبلغ لن يذهب لخزينة الدولة بل الى موظفي البلديات، مقابل التلاعب بتقرير الكشف.

600 مليار دينار جباية امانة بغداد سنويًا.. 75% منها مجهولة المصير

تشير تقديرات نيابية الى ان حجم جباية امانة بغداد سنويًا يصل الى 600 مليار دينار، لكن لا يصل منها الى خزينة الدولة سوى 150 مليار دينار فقط، اي ان 25% فقط تذهب الى خزينة الدولة، و75% من الايرادات والجبايات مجهولة المصير.

تقديرات أخرى بـ10 تريليونات.. جبايات البلديات تعادل موازنة وزارة الكهرباء

لكن تقديرات اخرى غير رسمية وفق حسابات اقتصاديين ومختصين تشير الى ان جبايات امانة بغداد السنوية قد تصل بين 8 الى 10 تريليون دينار، بالمقابل بلغت تخصيصات محافظة بغداد في الموازنة اكثر من تريليون دينار معظمها تذهب الى امانة بغداد وجزء بسيط الى ادارة المحافظة، ما يعني ان جبايات الامانة لوحدها تعادل موازنة وزارة الكهرباء بل وتعادل 10 اضعاف تخصيصات محافظة بغداد بالكامل.

بحر من الأموال وصحراء من الخدمات.. الترقيع شعار البلديات

ووسط هذا البحر من الأموال، لا تزال الكثير من مناطق العاصمة بغداد تشكو من غياب الخدمات، فيما تذهب بعض الأموال الى مشاريع اعادة تأهيل البنى التحتية لاماكن مؤهلة مسبقًا اساسًا، اما الاعمال التي شهدتها العاصمة فغالبا بفعل دخول الجهد الخدمي، والا فأن تماهل بلديات بغداد سيكون مشابها للسنوات الماضية.

هذا التقرير من ضمن برنامج "حصاد السومرية" من تقديم ليلى قيس وإعداد غرفة أخبار "السومرية"، يُعرض كلّ جمعة السّاعة 8:30 مساءً. لمشاهدة الحلقة كاملة، انقر هنا.