السومرية نيوز /
بغداد
بالرغم من لجان الرقابة المعلنة والقوانين التي تضبط الأسعار، ما يزال من هم تحت خط الفقر ومتوسطو الحال وهم الأغلبية في
المجتمع العراقي يجدون أنفسهم مجبرين على التأقلم والقبول بأبسط الأحوال المعيشية في شهر رمضان من كل عام، ويدورون في حلقة مفرغة من الفقر والاستغلال.
يعمل محمد نايف، الذي يبلغ عمره 47 عاما، كاسبا بسيارة أجرة ليست ملكه في بغداد، أما ابتهال جاسم، صاحبة الـ37 عاما تعمل على إعداد الخبز مقابل أجور زهيدة، بينما يبلغ
سعد عبد الله 17 عاما، وقد ترك الدراسة لفاقة حال عائلته، ويعمل الآن من الصباح حتى المساء في ورشة لتصليح السيارات.
هذه شرائح مجتمعية واسعة تسكن أماكن مختلفة من أنحاء
العراق، وهي ذات دخل محدود، ورغم كل ما هو معلن من قوانين ورقابة لضبط أسعار الأسواق، لكن حلول شهر رمضان يسجل ارتفاعا ملحوظا ويزيد من معاناتها المادية.
ويقول محمد نايف في حديث لـ
السومرية نيوز، إن "ارتفاع الدولار تزامن مع قدوم شهر رمضان، ما جعل التجار يستغلون الأزمة بصورة جشعة، من خلال رفع أسعار المواد، خاصة الغذائية منها".
ويضيف نايف أن "التجار يتحججون عادة بارتفاع الدولار لتبرير رفع أسعار السوق".
أما ابتهال جاسم فتقول إن "شهر رمضان فقد بريقه، وأصبح فرصة للربح والجشع بالنسبة لارباب السوق، الذين لا يعبأون بالفقراء"، معتبرة أن "كلفة المعيشة باتت تفت في عضدهم وبالكاد يستطيعون توفير لقمة العيش".
وتوضح جاسم أن "الأسر العراقية اعتادت على رفع أسعار المواد الغذائية في كل مناسبة سواء كان شهر رمضان أو الأعياد أو المناسبات الأخرى".
أما سعد عبد الله، فهو ليس أفضل حالا من سابقيه، ويقول إنه "مهموم بالتفكير في زيادة مصاريف العائلة" كونه المعيل لعائلته، لأن والده مريض ولا يقوى على العمل، موضحا أن "الأسعار اشتعلت وبات عائدي لا يستطيع مجاراتها".
من أمن العقاب "رفع الأسعار"
تقول عضو
اللجنة الاقتصادية نجيبة نجيب في حديث لـ السومرية نيوز، إن "بعض ضعاف النفوس يحاولون استغلال الناس في شهر رمضان، من خلال رفع أسعار المواد التي تستخدمها الأسرة خلال الشهر الكريم، وأبرزها العدس والطحين وغيرها من المواد الضرورية"، مؤكدة أن "رفع أسعار المواد الغذائية خلال رمضان يعتبر سحتا".
وتشدد نجيب على "ضرورة معاقبة الذين يقومون برفع أسعار المواد ويرهقون كاهل المواطن البسيط في رمضان"، مطالبة الحكومة بـ"تفعيل اللجان الرقابية المتخصصة، سواء من قبل
وزارة الداخلية أو التجارة، ومعاقبة من يستغل المواطنين".
أما المتحدث باسم
وزير التجارة ناظم الكرخي، فيقول في حديث لـ السومرية نيوز، إن "الوزارة عمدت الى توزيع مفردات البطاقة التموينية قبل حلول شهر رمضان لمساعدة الأسر العراقية في الحصول على ما تحتاجه، ومواجهة الارتفاع المحتمل لأسعار المواد الغذائية خلال الشهر الفضيل".
ويؤكد الكرخي أن "التجارة ستوزع أيضا مادة الطحين الصفر خلال شهر رمضان".
صعود الدولار لا يبرر رفع الأسعار
ويؤكد عضو
مجلس محافظة بغداد غالب الزاملي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "المجلس شكل لجانا بالتنسيق مع
الأمن الوطني والشرطة المحلية للذهاب الى الأسواق الرسمية كسوق
الشورجة وجميلة ووضع ضوابط جديدة من أجل منع ارتفاع أسعار المواد الغذائية"، لافتا الى أن "ارتفاع سعر صرف الدولار لا يبرر رفع الأسعار".
ويلفت
الزاملي الى أن "القانون رقم 240 ينص على محاسبة المتلاعبين بالأسعار، سواء من قبل التجار أو الباعة الجوالين"، مشددا على "أهمية التنسيق مع الشرطة الاقتصادية لمنع مثل هذه الحالات".
أما المتحدث الرسمي باسم الداخلية
سعد معن فيقول إن "الوزارة لديها مديرية خاصة بمكافحة الجريمة المنظمة والتي تعنى في أحد أقسامها بالجريمة الاقتصادية"، مبينا أن "المديرية تقوم بمتابعة السوق بشكل مستمر قبل وبعد شهر رمضان".
ويضيف معن في حديثه لـ السومرية نيوز، أن "قسم الجريمة الاقتصادية يلقي القبض على أي شخص يحاول ابتزاز المواطن أو رفع الأسعار بشكل غير مشروع مستغلا أوضاعا أو مناسبات معينة"، مبينا أن "العقوبة قد تصل الى السجن أو الغرامة أو سحب الإجازة التجارية".
ارتفاع الأسعار .. ظاهرة مستمرة
الخبير الاقتصادي
ضرغام محمد علي يقول في حديث لـ السومرية نيوز، إن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية في رمضان أصبح ظاهرة مستمرة، ليس في العراق وحده، وإنما في جميع
الدول العربية تقريبا"، معتبرا أن "الحل الوحيد لهذه الظاهرة، يكمن بتدخل الحكومة وفرض تسعيرة للسلع والمواد الغذائية، وايجاد منافذ لبيعها بأسعار مدعومة تكسر احتكار التجار".
ويوضح علي أن "الارتفاع يحدث بسبب عدم قدرة الحكومة على اتخاذ إجراءات تحد منه، وغياب استراتيجية اقتصادية مدروسة للسوق العراقية".
وتشهد
الأسواق العراقية في الوقت الحاضر، وخاصة الشورجة وجميلة، إقبالا كبيرا على شراء المنتجات الغذائية مع قرب شهر رمضان، يصاحبه ارتفاع أيضا في أسعار هذه المنتجات.
ومع ارتفاع الأسعار في رمضان والأعياد يدور الناس في دائرة الحيرة ويبدأون بالتساؤل عما اذا كان هناك من بإمكانه إنقاذهم من جشع بعض المتسببين برفع الأسعار.