ورغم مطالبات ذوي الاختصاص وبرلمانيين بفتح تحقيق شفاف يكشف حجم التجاوزات والصفقات المشبوهة، لا يزال هذا الملف يواجه تعتيماً سياسياً يحول دون وصوله إلى القضاء، ما يثير تساؤلات عن الجهات النافذة التي تقف وراء حماية هذه الشركات وضمان استمرار نفوذها الاقتصادي.
خلفية ونطاق الفساد
وتشير
لجنة النفط والغاز النيابية إلى تواطؤ "كار" و"قيوان" في عمليات تهريب نفطي من حقول
كركوك ومخمور، بطاقات تقدر بين 200–300 ألف برميل يوميًا، مخلّفة هدراً سنويًا يقدر بمئات ملايين الدولارات.
مختصون ذكروا ان "كار مرتبطة بعلاقات قوية، منها كيانات سياسية وتعاملات مع الكيان الصهيوني".
واكدوا ان "هناك وثائق أظهرت أن شركتيْن مدعومتان من الحزبين الحاكمين في الإقليم وذوي نفوذ، ويتولى منظومة كركوكية وسرية دعم الاتفاقات السرية".
لماذا لم يُحاسَبوا حتى الآن؟
ورغم تشكيل لجان نيابية وكشف البرلمان عن الهدر، فإن العمليات تحقيقية بطيئة وغالبًا ما تُسقط أو تُستبدل خلف أبواب مغلقة.
كما ان "ملفات التهريب وفقا لمختصين، تهم جهات ذات نفوذ سياسي وأمني في الإقليم، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى وقف التحقيقات أو إهمالها".
ورغم ذلك فانه في كانون الأول 2023، جرى تجديد عقود "كار" و"قيوان" لتوليد الطاقة رغم السمعة الفاسدة، ما يدلّ على تقاطعات من
السلطة التنفيذية والقضائية.
هل الشركة مغلقة أو تم إنهاء الملف؟
الجهات البرلمانية أكدت أن "التحقيقات مستمرة، وأن التقارير النهائية ستُعرض على الشعب ورئاسة البرلمان، لكنّ الواقع هو ان الإجراءات متوقفة على الأرض، ولا توجد متابعة قضائية فعلية تفعيلها، ولا محاكمات رسمية للحظة، حيث غاب التنفيذ بعد الكشف والإعلام".
هل سيتم فتح تحقيق جاد قريبًا؟
اقتصاديون شددوا على ضرورة "وجود ضغط برلماني من خلال قيام نوابا بدفع الملف عبر استدعاء مسؤولين، وتسجيل رسائل رسمية للحكومة، لكن هذا لا يترجم دائمًا إلى تحقيقات عالية المستوى".
ومن المحتمل أن يبقى الملف في حالة صمت شكلي ما لم تُمارَس ضغوط أكثر فعالية من برلمان مستقل، أو منظمات مدنية، أو تدخل قضائي فاعل من
هيئة النزاهة، أو تحقيق جنائي حال وجود أدلة قاطعة – لكن ذلك حتى الآن غير ظاهر.
وفي ظلّ غياب الإرادة الحقيقية لمحاسبة الفاسدين وتداخل المصالح السياسية والاقتصادية، يبقى ملف شركتي كار وقيوان مثالاً صارخاً على كيفية تحوّل بعض المؤسسات إلى أدوات لنهب المال العام وتقويض العدالة. وبينما يترقّب
الشارع العراقي خطوات جادة تُنهي سطوة هذه الشركات، لا تزال التساؤلات معلّقة حول ما إذا سيتم فتح هذا الملف مجددًا وكشف المتورطين، أم سيُطوى كما طويت قبله ملفات كثيرة طالتها رياح الفساد دون أن تجد طريقها إلى المحاسبة.