ويرى مراقبون أن هذا الاحتكار أسهم في ارتفاع أسعار الصرف وتقليص خيارات التجار والمواطنين، في وقت يؤكد خبراء المال أن غياب الرقابة الفعلية وتداخل المصالح بين جهات نافذة منح المصرف مساحة للتحكم شبه المطلق بحركة الدولار.
احتكار شبه كامل
وذكر المراقبون ان "المصرف
الأهلي استطاع بمساندة جهات نافذة الحصول على حصرية شبه مطلقة في إجراء الحوالات الخارجية من
العراق، بينما تم تقييد عدد من المصارف العراقية ومنعها من الوصول للمنصة الإلكترونية للحوالات".
وأضاف ان "هذا الاحتكار لم يأخذ منحى فنياً فقط، بل يعود لضغوط من خلفيات سياسية وشخصيات ذات نفوذ تربطها علاقات بالإدارة العليا في المصرف، ما أثار مخاوف من فساد إداري ومالي".
تأثير الاحتكار على السوق والعراقيين
ويؤكد ذلك وفقا لخبراء الى ضعف تنافسية المصارف العراقية، حيث ان تقليص هامش الربح والتطوير للمصارف المحلية بسبب منعها من المشاركة، يضعف قدرتها على تقديم خدمات محلية أو تحسين بنيتها التحتية، كما يؤدي الى تدهور الخدمات للمستفيدين، حيث ان مراحل التحويل والايداع شهدت تأخيرات وتأجيلات متكررة، وخدمة عملاء دون المستوى المطلوب، وشكاوى من توقف النظام الإلكتروني وتحويلات مشوشة".
وتابعوا ان "احتكال الحوالات يؤدي أيضا الى نزيف العملة الصعبة، حيث يُقدّر أن المصرف الأهلي يقوم بتحويل مبالغ ضخمة من الدولارات إلى الخارج مستفيداً من فروقات سعر الصرف ومزادات الدولار دون رقابة كافية "، لافتين الى ان "هناك خسائر اقتصادية فادحة تُقدّر بمليارات الدنانير سنوياً—مثل 7.5 مليار دينار مسروقة من أرباح العراقيين وأُرسلت مباشرة إلى عمان – تُستنزف إلى الاقتصاد
الأردني".
توزيع الأرباح – من يستفيد؟
وحقق المصرف الأهلي أرباحاً ضخمة بعد الاستحواذ؛ صافي أرباحه بعد الضريبة لعام 2023 بلغ نحو 190 مليار دينار، مقارنة بـ27.5 مليار في 2022، كما تضاعفت عوائد نافذة العملة 26 مرة ليصل للحوالي 93 مليار دينار، و67٪ منها يُحوّل إلى جهات غير عراقية .
الوجهة الخارجية: نسبة كبيرة من هذه الأرباح تذهب إلى
الأردن وفقا لنواب ومختصين، وتُضاف إلى ميزانية الشركات الأم المالكة، ما يمثل استنزافاً صريحاً للسيولة والعملات الأجنبية الزائدة عن حاجة الأسواق المحلية ".
حجم الاحتكار وأثر القانون
وعطلت المادة 107 من
قانون المصارف أي حدود لحصة المستثمرين الأجانب (حتى 100٪)، مما مكّن المصارف ذات الملكية الأجنبية من الهيمنة، بينما تُحظر هذه الإجازات عمليا على المصارف العراقية.
ومنح
المصرف المركزي تراخيص وتحكم بمزادات العملة بطريقة غير شفافة، وأعدّل القوانين لدعم مصالح جهات على حساب السيادة
المالية الوطنية .
الدعوات الرقابية
مراقبون طالبوا "بفتح تحقيق نيابي عاجل للإجراءات التي أدت إلى منح الريادة للمصرف الأهلي، وتوثيق العمليات المالية، وتحديد الأطراف المتورطة ، مع مراجعة قانون المصارف وتعديل المادة 107 لوقف السيطرة الأجنبية وتمكين المصارف العراقية من التنافس فضلا عن إلغاء نافذة العملة الاحتكارية واستبدال توزيع الحوالات بنظام شفاف تديره حكومة أو منصة موحدة دون التحكم من مصرف خاص ".
واكدوا على "ضرورة إحالة المصرف الأهلي إلى رقابة مباشرة من البنك المركزي، وتعزيز مراقبة التحويلات وسعر الصرف، ووضع عقوبات على المخالفين".
ويعد الاحتكار الجاري للمصرف الأهلي العراقي في مجال الحوالات الخارجية يؤثر سلبًا على
الاقتصاد الوطني، ويؤدي إلى نقل أرباح ضخمة للخارج وسط مطالبات بتحرّك نيابي للتحقيق قضائيا وتشريعيا وإصلاحات جوهرية في المؤسسات الرقابية والنظام المصرفي.
وذكر خبراء ان "العراقيين المودعين هم الخاسرون وسط هذه اللعبة المالية، في حين أن الدينار والعملات الصعبة تُسحب بعيداً تحت غطاء تحويلات قانونية".