وقال: "قريبًا سأزور
العراق لبحث إعادة تأهيل خط أنابيب النفط الرابط بين
كركوك وميناء بانياس".
ومن شأن هذا الأنبوب حال إحيائه، أن يسمح بتدفق النفط العراقي مباشرة إلى
سوريا، ما يوفر عليها فاتورة ضخمة من استيراد النفط في ناقلات عبر البحر.
بينما أكد الوزير أن سوريا تتجه نحو زيادة ساعات تزويد الكهرباء إلى ما بين 8 و10 ساعات يوميًا في عموم البلاد، وذلك بعد بدء ضخ الغاز الأذري بدعم قطري، مؤكدًا أن تحسنًا ملحوظًا سيُسجّل مع مطلع الأسبوع المقبل.
وأوضح
البشير، في مقابلة متلفزة أن وزارته بدأت تنفيذ خطة إصلاح شاملة لإعادة هيكلة قطاع الطاقة، تتضمّن إنشاء شركات قابضة كبرى لإدارة ملفات النفط والكهرباء والتعدين والفوسفات، بالإضافة إلى مشروع إنشاء مصفاة نفط جديدة، وتوسيع مشروعات
الطاقة المتجددة وتحلية المياه.
وأشار وزير الطاقة إلى أن خط الغاز الواصل بين سوريا وتركيا جرى تأهيله مؤخرًا بجهود وطنية، إذ يُضخ عبره حاليًا نحو 3 ملايين متر مكعب يوميًا، من أصل طاقته الكاملة البالغة 6 ملايين متر مكعب.
ويُعدّ هذا التوجّه الحكومي الجديد محاولة لتجاوز آثار الحرب التي استمرت 14 عامًا وأنهكت قطاع الطاقة، مخلفةً خسائر فادحة في البنى التحتية؛ ما دفع الجهات المعنية إلى تكثيف التعاون مع دول المنطقة والمؤسسات الدولية لإعادة تأهيل الشبكات والمنشآت الإنتاجية تدريجيًا.
إعادة هيكلة قطاع الطاقة
كشف وزير الطاقة السوري عن أن الوزارة الحالية تشكّلت من دمج وزارات النفط والكهرباء والموارد المائية، في خطوة تهدف إلى معالجة الترهل الإداري الذي خلّفه النظام السابق.
وأشار إلى أن البنية التحتية التي ورثتها الوزارة كانت في حالة متهالكة، موضحًا أن جميع
المصافي ومحطات التوليد كانت تعمل بأقل من نصف طاقتها، وبعضها كان خارج الخدمة تمامًا.
وأكد البشير أن هناك دراسات جارية لإنشاء شركة قابضة وطنية تشرف على قطاع النفط والغاز، من الاستخراج حتى التوزيع، على غرار النموذجَين؛
القطري "قطر للبترول"، والسعودي "أرامكو".
كما تخطط وزارة الطاقة السورية لإنشاء شركتَين مماثلتَين لإدارة قطاعي الكهرباء والتعدين والفوسفات.
وأشار إلى أن دور وزارة الطاقة السورية مستقبلًا سيقتصر على رسم السياسات العامة وسنّ القوانين، في حين تتولى الشركات القابضة الجوانب التشغيلية والتنفيذية، مضيفًا أن خطة التأسيس ستُطبق بصفة تدريجية.
الكهرباء في سوريا
قال وزير الطاقة السوري إن قطاع الكهرباء يحظى بالأولوية القصوى في الوقت الراهن، لا سيما أن معظم المحطات الحالية متهالكة.
وأضاف: "أعدنا تأهيل أغلب المحطات بأيدٍ محلية، كما رفعنا إنتاج الغاز المحلي لاستعماله في التوليد"، موضحًا: "استطعنا إعادة تأهيل محطات الكهرباء ووصلنا إلى قدرة توليد تبلغ 5 آلاف ميغاواط، لكن ما يُنتج نحو 1900 ميغاواط نتيجة نقص إمدادات الغاز والفيول".
وبيّن البشير أن سوريا حصلت على منحة من
البنك الدولي تبلغ 146 مليون دولار لإصلاح الشبكة الكهربائية الإقليمية، التي تربطها بدول الجوار، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تُعد محورية لتعزيز أمن الإمدادات.
وأوضح أن الغاز الأذري الذي بدأ ضخه تجريبيًا سيُسهم في رفع ساعات التغذية من 4 ساعات إلى 8 – 10 ساعات يوميًا، مع وجود خطة لاحقة لزيادتها إلى 12 ساعة.
وأكد أن إنتاج الغاز كاملًا يُستعمل حاليًا في توليد الكهرباء، مع دراسة جدية لزيادة التعرفة الكهربائية، بهدف تحسين الخدمة وجلب كميات إضافية من الغاز.
الدعم القطري لسوريا
أكد وزير الطاقة السوري أن
دولة قطر تتحمّل مؤقتًا تكلفة الغاز الأذري، وأن السعر أقل من تكلفة الغاز القطري الذي كان يُنقل سابقًا عبر
الأردن.
وكشف عن صيانة شاملة لخط الغاز الواصل إلى الأردن "خط الغاز العربي"، تحضيرًا لأي جلب كميات مستقبلية.
كما أشار البشير إلى أن زيارته الأخيرة إلى
المملكة العربية السعودية هدفت إلى الاطلاع على نموذج الحوكمة في قطاع الطاقة، وبحث أوجه التعاون لإعادة تأهيل القطاع النفطي السوري.
وأكد وجود مشروعات مشتركة مستقبلية لتحلية مياه البحر، وإنشاء محطات شمسية بالتعاون مع
الرياض.
مصفاة جديدة ومشروعات طاقة متجددة
تحدّث وزير الطاقة السوري عن خطط لبناء مصفاة جديدة بطاقة 200 ألف برميل يوميًا، مؤكدًا أن مصفاتي حمص وبانياس تعملان حاليًا بكفاءة وتكفيان لتغطية الاستهلاك المحلي، مضيفًا: "نستورد حاليًا النفط الخام فقط، وتوقفنا عن استيراد البنزين، ونستورد كميات قليلة جدًا من الديزل".
وأوضح البشير: "تهدف المصفاة الجديدة لجعل سوريا دولة مصدرة للمشتقات النفطية".
وفي قطاع الطاقات المتجددة، أشار وزير الطاقة السوري إلى تخصيص مواقع لشركة "يو سي سي" (UCC) القطرية لإجراء دراسات فنية، تمهيدًا لإنشاء محطات توليد كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية، مؤكدًا أن العقود باتت شبه جاهزة للتوقيع خلال أغسطس/آب الجاري.
وأعلن البشير مشروعًا لإنشاء مزرعة رياح بقدرة إنتاجية تبلغ 300 ميغاواط، مشيرًا إلى أن العديد من المناطق السورية مؤهلة لمثل هذه المشروعات، ولافتًا إلى أهمية الاعتماد على الطاقة النظيفة في المرحلة المقبلة، مع إمكان تخزين الكهرباء المنتجة لتحقيق الاستقرار في الشبكة.
احتياطي النفط في سوريا
قال البشير إن سوريا تمتلك احتياطيًا نفطيًا يُقدَّر بـ2.5 مليار برميل أغلبها يقع في منطقة شرق
الفرات، مؤكدًا أن القطاع تعرّض لأضرار جسيمة خلال سنوات الحرب، وأن تأهيله الكامل سيستغرق وقتًا.
وأعرب عن أمله في عودة سوريا إلى تصدير النفط والغاز مستقبلًا، مؤكدًا أن الوزارة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغاز من خلال التواصل مع الشركات المتخصصة.
وحول محافظة السويداء، أشار وزير الطاقة السوري إلى أنه وجّه منذ بداية الأزمة لضمان استمرار خدمات الكهرباء والمياه والوقود، رغم التحديات الأمنية، مشيرًا إلى استهداف بعض الكوادر الفنية التابعة للوزارة من قِبل مجموعات خارجة عن القانون.
ملف المياه
في سياق آخر، تناول وزير الطاقة السوري أزمة المياه بوصفها تحديًا وطنيًا كبيرًا، داعيًا إلى ترشيد الاستهلاك، لا سيما في ظل تناقص تدفقات نبع عين الفيجة من 40 مترًا مكعبًا في الثانية إلى 1.5 مترًا فقط.
وأشار إلى تأهيل 27 محطة ضخ و100 بئر خلال الأشهر الأخيرة، وكشف عن دراسة تجارب استمطار في حوض
اليرموك بالتعاون مع الأردن.
كما أكد وجود خطط لتحلية مياه البحر وإنشاء شبكة تنقل الفائض من الساحل إلى الداخل، رغم التكلفة المرتفعة لمشروعات التحلية.