السومرية نيوز/
بغداد
اتهمت هيئة الآثار والتراث العراقية، السبت،
وزارة النفط بتدمير المناطق الأثرية لمدينة
بابل من خلال مد أنبوب للمشتقات النفطية
عبر منطقة أثرية غير منقبة، فيما نفت الوزارة أن تكون قد تسببت في تدمير إي أثار عراقية، مشيرة إلى أن الأنبوب تم إنشاؤه في منطقة يمر بها أنبوبان
لنقل الغاز والنفط منذ عام 1975.
وقال رئيس الهيئة قيس حسين رشيد في حديث لـ"السومرية
نيوز"، إن "دائرة المشاريع النفطية التابعة لوزارة النفط عمدت الى مد أنبوب
لنقل المشتقات النفطية في منطقة أثرية غير منقبة مخترقة السور الشمالي والجنوبي لمدينة
بابل الأثرية"، مؤكدا أن "مد الأنبوب تم رغم رفض
وزارة السياحة وهيئة الآثار
عملية مده".
وأضاف رشيد أن "مد الأنبوب النفطي قد الحق
أضرارا كبيرة بالمنطقة الأثرية غير المنقبة لمدينة بابل والتي قد تحتوي أثارا كبيرة
ونفيسة لمعابد وقصور وشوارع قديمة"، مشيرا إلى أن هذا الاجراء "سيساهم في عدم إدراج
المدينة على لائحة التراث العالمي، فضلا عن تقييد حركة السياح والزوار وما يسببه
من تلوث للبيئة".
من جهته، قال مدير عام شركة الخطوط الأنابيب النفطية
هاشم عبد الغفار شاكر في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الأنبوب تم إنشاؤه
في نفس المنطقة التي يمر بها أنبوبان احدهما
لنقل الغاز والأخر لنقل المشتقات النفطية منذ عام 1975"، مؤكدا أن
"هذه المنطقة تعتبر من المحرمات التي توجب الابتعاد عنها لمسافة 300 متر".
وأضاف شاكر أن "الأنبوب الجديد الذي يبلغ
قطره 14 عقدة يقوم بنقل المشتقات النفطية من مصفى
البصرة إلى منطقة الفرات الأوسط ومن
ثم إلى بغداد"، مؤكدا أن "عمليات الحفر للأنبوب والتي تمت يدويا لم تكشف
عن وجود أي آثار تذكر".
وكان النائب عن ائتلاف
دولة القانون أحمد
العباسي طالب، اليوم السبت،
الحكومة المركزية بالتدخل السريع لمنع
وزارة النفط بمد أنبوب نفطي عبر أسوار بابل الأثرية، كما حذر من اعتراض منظمة اليونسكو
على مد الأنبوب، ودعا إلى الالتزام بلوائح المنظمة لإدراج المدينة الأثرية في بابل
إلى لائحة التراث العالمي.
ويُعتقد أن الآثار الموجودة في باطن أرض مدينة
بابل الأثرية لا تقل ثمنا وأهمية عن احتياطي النفط غير المكتشف بعد، حيث تقول البروفيسورة
فون أيسن إن "ما تم كشفه من آثار بابل حتى الآن لا يعدو قطرة ماء على صفيح ساخن،
وأمامنا 500 سنة من العمل كي نفي بأهداف البحث في بابل".
وحذرت لجنة السياحة
والآثار البرلمانية، في السابع من نيسان الحالي، وزارة النفط من المساس بمدينة بابل
الأثرية بعد الأنباء التي تحدثت عن عزمها على مد خط نفط إستراتيجي يمر من خلالها، كما
تلا رئيس اللجنة بكر حمه بيانا صادرا عن اللجنة خلال جلسة البرلمان، في الخامس من نيسان
الحالي، استنكر فيه النية لمد الأنبوب.
كما حذرت وزارة الآثار والسياحة، مطلع نيسان
الحالي، وزارة النفط من إتمام مشروع مد الأنبوب عبر مدينة بابل الأثرية على اعتبار
أن هذا الإجراء سيحول دون إعادة أدراجها ضمن لائحة التراث العالمي.
فيما أعتبر رئيس
لجنة الطاقة في مجلس محافظة
بابل عقيل السيلاوي، أن الضجة و الاعتراضات التي أثيرت على المشروع قانونية، إلا أن
تغيير مسار الأنبوب بعيداً عن الموقع الأثري يتطلب إنفاق المزيد من الأموال قد تدخل
المشروع في إشكاليات قانونية مع أصحاب الأراضي التي يتوجب استملاكها كي يعتمد مسار
جديد للأنبوب.
ووقع محافظ بابل السابق سلمان ناصر الزركاني،
مذكرة تفاهم مع اليونسكو للحفاظ على آثار المحافظة وإدراجها ضمن قائمتها للتراث العالمي،
في أثناء حضوره اجتماعات الدورة الرابعة للمنظمة بباريس في 14 كانون الثاني 2010.
ومن الفقرات التي يتضمنها اتفاق
محافظة بابل
مع اليونسكو أن تقوم الأخيرة بإرسال مجموعة من الخبراء إلى بابل لتقييم حالة الضرر
وتحديد المواقع التالفة من أجل المعالجة الفورية، في حين ستنفذ أعمال الصيانة بالمواقع
من قبل هيئة الآثار العراقية وبإشراف منظمة اليونسكو.
وكانت
منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة
اليونسكو زارت موقع بابل الأثري وأعدت خطة بعد أن قدمت دراسة لتحليل التربة وإنقاذ
المواقع التي تدهورت من أجل إعادة إدراج آثار بابل ضمن لائحة التراث العالمي.
وقامت السلطات العراقية عام 1988 ببعض أعمال
الصيانة لآثار بابل، إلا أن اليونسكو، وبعد معاينتها ذكرت أن الترميمات "لا تتطابق"
والمعايير الدولية التي تتعامل بها في تهيئة الآثار، إذ استخدمت مواد مخالفة للمواد
الأصلية التي استعملها البابليون، وبينها قطع حجر مكتوب عليها عبارة "من نبوخذ
نصر إلى
صدام حسين بابل تنهض من جديد"، وعلى ضوئها أوصت اليونسكو بعدم إدراج مدينة
بابل الأثرية ضمن لائحة التراث العالمي.
وكانت القوات الأميركية
اتخذت بعد سنة 2003 من موقع بابل الأثري مقراً لها، فضلاً عن قيام مجلس المحافظة للدورة
السابقة، بافتتاح مدينة للأعراس في موقع بابل الأثري برغم اعتراض
الهيئة العامة للآثار.
يذكر أن كلمة بابل
تعني في اللغة الأكادية "باب الإله"، كما سميت بابل بأسماء عدة منها
"بابلونيا"، وأرض بابل ما بين النهرين، وتعد الحضارة البابلية استمراراً
للحضارات العراقية القديمة بعد أن ورثت حضارتي سومر، وكانت بابل القديمة عاصمة الدول
الأمورية والبحرية والكيشية، أما بابل الثانية فكانت عاصمة الدولة الكلدانية.