وتداولت حسابات رقمية هذه المشاهد بوصفها مؤشرات على حشد جوي غير مسبوق، في حين ذهبت بعض الروايات إلى وصف التحركات بأنها "مفاجئة وغير طبيعية"، لتثير بذلك سيلا من التساؤلات.
وربطت بعض المنشورات هذه التحركات بما زعمت أنه "مشهد مشابه لما سبق قصف المنشآت النووية الإيرانية في يونيو/حزيران 2025".
فهل تستعد
واشنطن لعملية عسكرية في المنطقة فعلا؟ وهل تلوح مواجهة وشيكة في الأفق؟ وما علاقة
إيران بما يوصف بأنه "استعداد إستراتيجي" في الشرق الأوسط؟
في هذا التقرير، نكشف حقيقة المشاهد والادعاءات والبيانات التي حازت تداولا واسعا على المنصات الرقمية.
مناورة قديمة في أميركا
في مطلع أكتوبر/تشرين الأول، نشر حساب موثق على منصة "إكس" مقطع فيديو يزعم أنه يوثق هبوط دفعة جديدة من طائرات التزود بالوقود التي أرسلتها
الولايات المتحدة الأميركية إلى الشرق الأوسط.
لكن بالتحقق من الفيديو، تبين أنه يعود إلى مناورة عسكرية أجريت في قاعدة ماكونيل الجوية بولاية كانساس الأميركية بتاريخ 27 مارس/آذار 2023، أي قبل أكثر من عامين، ولا علاقة له بالتحركات الحالية في المنطقة.
إقلاع "القاذفة الشبح"
في الوقت ذاته، نشرت حسابات أخرى على منصة "إكس" صورا ومقطع فيديو قيل إنها تظهر إقلاع القاذفة الأميركية "بي-2 سبيريت" التي تعرف أيضا بـ"القاذفة الشبح" من قاعدة دايس الجوية في ولاية
تكساس باتجاه الشرق الأوسط.
لكن تبين أن كل هذه المشاهد قديمة، إذ حصلنا على نسخة لنفس الصورة المرفقة في المنشور بتاريخ 23 مارس/آذار 2024 في تغريدة على "إكس"، مما يعني أنها ليست حديثة.
كما ظهر نسخة قديمة من الفيديو المتداول منشورة بتاريخ 26 أغسطس/آب 2023 على حساب المصور الفوتوغرافي "روب ويد" (Rob Wade) في إنستغرام، ويوثق جانبا من إقلاع قاذفات أميركية من قاعدة فيرفورد البريطانية، ولا علاقة له بالشرق الأوسط.
حرب وشيكة
لم يتوقف التضليل عند تداول صور ومقاطع قديمة، بل ساهمت حسابات وصفحات موثقة على "إكس" في تضخيم المشهد، مستخدمة عناوين مثيرة مثل: "عاجل وغير مسبوق"، و"حشد جوي هائل"، و"طائرات التزود بالوقود الأميركية تملأ أجواء الشرق الأوسط".
وتضمنت بعض المنشورات صورا من مواقع تتبع
حركة الطيران، توثق تحرك طائرات تزود بالوقود، وأخرى مخصصة للاستطلاع، إلى جانب تحرك أضخم حاملة طائرات -ضمن الأسطول الأميركي- باتجاه منطقة الشرق الأوسط.
وفسر مدونون هذه البيانات والمعلومات التي رافقتها على أنها مؤشرات بقرب شن ضربة أميركية على إيران، بل ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، معتبرين أنها "ضربة قد تدفع بالنظام الإيراني إلى حافة السقوط".
تحركات مثيرة للجدل
كما ادعت حسابات أخرى تحرك أكبر حاملة طائرات في الأسطول الأميركي "يو
إس إس جيرالد آر فورد" باتجاه
البحر الأبيض المتوسط لأسباب مجهولة، وبرفقتها مجموعة ضاربة تشمل مدمرات صواريخ موجهة وسفنا حربية.
غير أن البيانات الملاحية لموقع "مارين ترافيك" رصدت حركة لحاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس جيرالد ر. فورد" قرب جزيرة مايوركا
الإسبانية، وانقطعت إشارتها منذ يومين، قادمة من
جبل طارق يوم 30 سبتمبر/أيلول الماضي.
كما انقطعت إشارة الطراد الصاروخي "يو إس إس
نورماندي" (CG-60) منذ التاسع من سبتمبر/أيلول، عند قاعدة
نورفولك الأميركية ولم يظهر لها أي بيانات ملاحية حتى الآن.
وبالبحث، تبين أن السفينة الحربية خرجت رسميا من الخدمة بعد 36 سنة في البحرية الأميركية، بعد تدشين حفل وداعي لها بقاعدة نورفولك يوم 26 سبتمبر/أيلول الماضي، وستنقل إلى منشأة السفن غير النشطة في فيلادلفيا، وفقا لموقع (DVIDS) التابع لوزارة الحرب الأميركية.
ولم يسجل للمدمرة "يو إس إس راماج" (DDG-61) هي الأخرى أي بيانات ملاحية على موقع تتبع السفن منذ الخامس من أبريل/نيسان 2024، مما يؤكد أن الأخبار المتداولة عن التحرك الأميركي في المنطقة غير دقيقة ولم تستند إلى معلومات رسمية.
يأتي هذا في ظل ما تناولته صحف أميركية وإسرائيلية بتزايد الجاهزية العسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع نشر طائرات التزود بالوقود وسط تصاعد التوترات الإقليمية.
كما سلطت صحف أخرى الضوء على حسابات الرئيس الأميركي
دونالد ترامب في ملف
الضفة الغربية وخطة إنهاء الحرب على غزة، وأبرزت تقارير أخرى تراجع شعبيته داخليا مقابل تنامي التعاطف الشعبي الأميركي مع غزة بفعل تأثير منصات التواصل الاجتماعي.