السومرية نيوز/
صلاح الدين
بساق واحدة وطموحات محدودة، يتقافز حامد بين أكوام
القمامة بحثاً عن علب مشروبات غازية معدنية فارغة (قواطي)، توفر له بعد جهود ساعات طويلة ألفاً أو ألفي دينار، يسخرها للمساهمة -ولو رمزياً- في إطعام عائلته التي لا معيل لها سوى أخ أكبر منه يعمل بشكل متقطع، وبمورد ضعيف أيضاً.
لدى حامد
أحلام بسيطة يتمنى أن تتحقق، لكن ظرفه العصيب جعله يرى أحلامه وهي تنهار أمامه دون أن يلمس طريقاً يقوده إلى أمل ما، فحتى
دائرة الرعاية الاجتماعية في
محافظة صلاح الدين –حيث يسكن- رفضت تسجيله، كما يقول.
وكلما مر عيد على حامد، ينتابه حزن عميق وهو يرى أقرانه يمارسون طفولتهم، فيما يتجه هو الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره إلى منطقة الطمر الصحي في
تكريت لممارسة عمله اليومي المنهك.
ويقول حامد لـ"
السومرية نيوز"، "كنت أسكن مع عائلتي في منطقة
جزيرة تكريت، لكننا تعرضنا لتهديد اضطرنا إلى الانتقال لمنطقة حي الطين بتكريت، وهي منطقة قريبة من موقع الطمر الصحي".
ويضيف "عندما انتقلنا لتلك المنطقة اضطرتني ظروف عائلتي الصعبة إلى العمل في جمع (القواطي) من موقع الطمر الصحي وبيعها، وقبل سنتين خرجت إلى العمل صباحاً، فانفجرت قربي عبوة ناسفة كانت مزروعة تحت القمامة، ما أدى إلى بتر ساقي".
ويوضح حامد "المبلغ الذي أربحه من هذا العمل يتراوح بين ألف وألفي دينار في اليوم، أشتري به كيلو غراماً من الطماطم وكيلو غراماً من الخيار أعود بهما إلى المنزل".
ويقضي حامد نحو 14 ساعة يومياً في مزاولة مهنته هذه، إذ يخرج إلى العمل من الساعة الخامسة صباحاً ولا يعود إلى منزله قبل السابعة مساء.
"أريد أن أذهب إلى المدرسة، أريد أن ألعب كالأطفال، أريد أن أعيش حياة أفضل"، هذا ما يتمناه حامد، لكنه يصطدم بواقع إعاقته، وواقع الظرف المالي المتردي الذي تعانيه أسرته، إذ أن له أخ واحد أكبر منه مهنته عامل بناء، وقلما يحصل هذا الأخ على عمل يوفر له أجرة كافية لإعالة أسرته.
ولم يجد حامد جهة حكومية تتبنى رعايته، ويقول "ذهبت إلى دائرة
الرعاية الاجتماعية، لكنها رفضت تسجيلي وقالت إنني غير مشمول بالرعاية".
ويؤكد المسؤول عن موقع الطمر الصحي أن حامد ليس الطفل المعاق الوحيد الذي يعمل في الموقع، ويقول إن "بعض الأطفال يأتون زحفاً على أيديهم للعمل في جمع العلب الفارغة".
ويحذر مختصون من أن أطفالاً كهؤلاء يسهل استغلالهم من قبل الجماعات "غير السوية" وتوظيفهم في تنفيذ أعمال غير مشروعة تضر بالمجتمع.
ويقول الطبيب النفسي إبراهيم السبعاوي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الطفل المعاق الذي يعمل لسد قوته وقوت عائلته يعد مشروعاً مفتوحاً لكي يتخرج منه إنسان ذو سلوك غير سوي، وقد يستغل من جماعات غير سوية أيضاً ويوظف ضد المجتمع".
ومن دون أن يكترث له الكثيرون، يلقي حامد أمنياته الملونة وراء ظهره ويلج حلكة الحياة بطفولة مخدوشة تخشى من أن يؤدي انفجار آخر إلى سلبها ساقها الثانية.