وجاءت العقوبات نتيجة اتهامات مباشرة له بقيادة شبكة معقدة لتهريب النفط الخام العراقي والإيراني، عبر شركات واجهة وشبكات بحرية تتخذ من
العراق والإمارات والخليج مقراً لها، وتمويه الشحنات بطرق غير شرعية، وتحقيق أرباح بمليارات الدولارات.
من هو "سالم – أوميد"؟
ويُعد سالم
أحمد سعيد، أو "أوميد"، أحد أبرز الفاعلين الخفيين في قطاع الطاقة العراقي منذ سنوات. وهو مالك شركة الناقلات العربية التي كانت تحظى بعقود رسمية لنقل النفط الخام من الجنوب والشمال، وتحديداً من حقل
القيارة الذي يشهد منذ أعوام نشاطاً غير مشروع لتهريب النفط بإشراف وحماية من جهات متنفذة، بحسب مصادر موثوقة.
لكن بعد فرض العقوبات الأمريكية عليه، اتخذ أوميد خطوة استباقية ذكية عبر تغيير المدير المفوض لشركته، حيث كان هو نفسه المدير الرسمي، وقام بتسجيل مدير جديد لتجنّب ربط الشركة مباشرة بالعقوبات، وهي حيلة شائعة في عالم المال الدولي للالتفاف على القيود المفروضة.
تفاصيل العقوبات الأمريكية
وأعلنت
وزارة الخزانة الأمريكية – مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، في بيان صدر في 3 تموز 2025، إدراج “
سالم أحمد سعيد” ضمن القائمة السوداء بتهمة:
-تسهيل تهريب النفط الإيراني بمليارات الدولارات إلى دول آسيا،
-استخدام وثائق مزوّرة لتسجيل النفط على أنه عراقي،
-التواطؤ مع مسؤولين عراقيين لتغطية هذه العمليات،
-الاستفادة من العائدات في دعم جهات مدرجة على لوائح الإرهاب.
العقوبات شملت تجميد أصوله في أي نظام مالي خاضع للولايات المتحدة، ومنع الشركات والبنوك الدولية من التعامل معه أو مع أي كيان له صلة به، خصوصاً في قطاع الطاقة.
التهريب من القيارة.. رعاية رسمية؟
من يريد أن يعرف من هو "أوميد"، يكفي أن يزور حقل القيارة النفطي في
محافظة نينوى، حيث تُشاهد عمليات تهريب علنية تتم بشكل يومي، بحسب شهادات محلية، وبرعاية جهات "تغضّ الطرف" أو تسهّل عمليات الشحن والنقل من دون رقابة جمركية حقيقية.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن "شاحنات النفط تخرج من القيارة ليلاً ونهاراً، تحت حماية أمنية خاصة، وتتجه إلى محطات تفريغ يتم منها إعادة بيع النفط بطريقة غير شرعية أو نقله إلى موانئ بعيدة".
علاقة متشعبة مع مسؤولين كبار
ووفق مصادر نيابية وأمنية، فإن "أوميد" يحتفظ بعلاقات مالية وسياسية وثيقة مع شخصيات نافذة في الدولة، منها:
-مدير عام شركة الناقلات النفطية العراقية، التي أبرمت عقوداً طويلة مع شركة أوميد.
إضافة الى نائب يترأس لجنة برلمانية سبق أن توسط لمنح عقود النقل والتفريغ إلى شركات أوميد رغم اعتراض بعض الجهات الرقابية.
مطالبات بالتحقيق
وتطالب الأصوات السياسية والرقابية بفتح تحقيق عاجل في طبيعة تلك العلاقات، وفحص العقود المبرمة منذ عام 2019 حتى اليوم.
وتم توجيه نسخة من هذا التقرير إلى:
-هيئة النزاهة العامة
-الادعاء العام العراقي
-مجلس
القضاء الأعلى
وذلك من أجل فتح ملف "سالم – أوميد" كاملاً، خاصة بعد أن تجاوزت أفعاله الأبعاد التجارية لتصل إلى الإضرار المباشر باقتصاد البلاد وسمعة العراق الدولية، وربما تمويل جهات مسلّحة خارج سلطة الدولة.
وفي ظل الغموض الذي يلف مصير التحقيقات في ملفات التهريب والفساد الكبرى، يبقى اسم "سالم – أوميد" واحداً من أبرز الأمثلة على كيف تتحول الدولة إلى غطاء لاقتصاد الظل، حيث تُنهب ثروات البلاد وتُسوّق على أنها قانونية، وتُغسل الأموال عبر شركات وحسابات داخل العراق وخارجه.
هل تتحرك
الدولة العراقية لملاحقة أحد أخطر رجال التهريب؟ أم أن رحلته الأخيرة إلى دبي كانت نهاية المطاف؟