هل سيشهد العالم زوال امبراطورية فيسبوك؟

حديث مارك زوكربيرغ عن "أغبياء جامعة هارفرد" ربما يرتدّ عليه بعد 14 عاماً، بعد فضيحة "كيمبريدج أناليتيكا" التي هزّت العالم.

"إنهم يثقون بي"، بهذه الكلمات سخر مؤسس فيسبوك في العام 2004 من حوالي 4000 شخص قاموا بتزويده بحسابات بريديهم الالكتروني وصورهم وذلك خلال محادثة جرت مع أحد أصدقائه.

لكن اليوم بدأت أهم المواقع الإخبارية بسحب ثقتها من أشهر موقع تواصل إجتماعي بعد الكشف عن تلاعب الشركة البريطانية "كيمبريدج أناليتيكا" في مسار الانتخابات الاميركية في العام 2016 وانتخابات كثيرة في العالم، مستغلة بيانات الخصوصية على فيسبوك.

بداية، من وراء اختراق خصوصية ربع عدد الناخبين عبر فيسبوك؟

القصة بدأت مع أليكسندر كوغان، الأستاذ في جامعة بطرسبورغ الروسية، الذي أطلق في العام 2004 تطبيقا رقميا سمّاه ThisIsYourDigitalLife أو "هذه هي حياتك الرقمية"يعتمد على اختبارات شخصية للمستخدمين عبر فيسبوك مستغلا ثغرة في الموقع.

وبذلك تمكّن من اختراق خصوصية أكثر من 50 مليون مستخدم، وقد باعها لشركة "الابحاث العلمية العالمية" المعروفة اليوم بـ "كيمبريدج أناليتيكا" التي لم يكن وقتها لها علاقة بجامعة كمبريدج لكنها لفتت انتباه ستيف بانون، المقرب من الرئيس الاميركي دونالد ترامب واليمين المتطرف.

أقنع بانون الملياردير الاميركي روبرت ميرسر بتمويل الشركة في إطار الرهان على ترامب
وأصبح بين يديه بيانات حميمة لأكثر من 50 مليون مستخدم اي ما يعادل ربع عدد الناخبين المحتملين.

كيف تم التحكم في عقول المستخدمين؟

أعيد تصميم أولويات البحث في "غوغل" بحيث تذهب بك الى أولويات موقع المرشح دونالد ترامب، فإذا بحثت وقتها مثلا عن "ترمب حرب العراق"، كان سيظهر لك أولا هذا الخبر" هيلاري صوتت لصالح حرب العراق وعارضها دونالد ترامب".





أحد المنشقين عن الشركة، وصف هذا الاختراق بـ"آلة بروباغندا مكتملة الخدمات أحكمت في جميع مسارات المعلومات حول الخصوم وبالتالي أثّرت في رؤيت الناخبين لميدان المعركة".

وفي ما يخصّ بيانات فيسبوك، تم استغلالها لإضافة تركيبات جديدة مستقاة من علم النفس بحيث لا تستهدف الانسان كناخب بل كشخص أيضًا.

من سحب ثقته من فيسبوك؟

بعد أن هزّت فضيحة "كيمبريدج أناليتيكا" العالم ، أعلنت شركات بارزة في الولايات المتحدة إلغاء صفحاتها على موقع التواصل الاجتماعي الشهير.

وفي خطوة مؤيدة للحملة، قام إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي "سبيس إكس" و"تسلا" الأميركيتين الرائدتين في استكشاف الفضاء وتصنيع المركبات الكهربائية بإلغاء صفحتي الشركة على فيسبوك، واللتين كانتا تحظيان بمليونين ونصف متابع.



وقد انخفضت قدرة مواقع إخبارية على الوصول الى المستهلك عبر فيسبوك، من أبرزها موقع buzzfeed الذي أعلن خروجه من أسر فيسبوك وحثّ متابعيه على استخدام التطبيقات الخاصّة به.
الى ذلك، اجتاح هاشتاك #احذف_فيسبوك و#قاطع_فيسبوك مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انطلق عدد كبير من المستخدمين في حذف الصفحات الخاصة بهم على المنصة. ومن أبرز المنظمين لحملة المقاطعة مؤسس تطبيق واتساب المملوك اليوم لفيسبوك براين أكتون، الذي غرّد قائلاً "لقد حان الأوان. امسح فيسبوك".





هبوط قوي في أسهم فيسبوك

فقدت فيسبوك نحو 50 مليار دولار من قيمتها السوقية هذا الشهر، ومن الممكن أن تصل الغرامة المتوقع فرضها على الشركة إلى أكثر من أربعة أضعاف قيمتها السوقية الحالية البالغة 445 مليار دولار.
وقد شهد سهم فيسبوك هبوطا قويا بلغ نحو 10% هذا الأسبوع قبل أن يصعد من جديد الأربعاء ويقلص بعضا من خسائره.

وبحسب تقرير لموقع "بلومبرغ" الإلكتروني الاقتصادي، فإن ثروة زوكربرغ انخفضت بقيمة 3.8 مليار دولار مع سحب المستثمرين أسهمهم.


هل تنهار "إمبراطورية فيسبوك"؟

بعد الخسائر المالية الكبيرة التي شهدتها فيسبوك في وقت قصير جدا الى جانب حذف عدد كبير من المستخدمين لحساباتهم على المنصة، توقع كثيرون زوال أشهر موقع للتواصل الإجتماعي في المستقبل. لكن "نهاية فيسبوك ليس أمرا سهلا لأنها أصبحت مشاعا للكثير من أجهزة الاستخبارات الدولية، وبالتالي فإن نهايتها نهاية للكثيرين"، بحسب حديث الخبير في شؤون المعلومات وحلول الأعمال غيث القرشي لموقع "الجزيرة".
واعتبر أن "فيسبوك ستصمد إلى مدى ليس بالقريب خاصة في ظل عدم وجود بدائل قوية تقدم سقف حرية بوسائل التواصل الاجتماعي كتلك التي تتيحها منصة فيسبوك".

لكنه توقع حدوث انخفاض كبير في حجم وقيمة الإعلانات التي يجذبها الموقع، وارتفاع في الطلب على برامج الحماية الشخصية، ما سيشكل فرصة مهمة للشركات العالمية المتنافسة في مجال حماية المعلومات.