سميرة مزعل عشقت الكاميرا ومارست التصوير منذ نعومة أظافرها، هذه الهواية/المهنة التي ورثتها عن أجدادها وأهلها. فوالدها الذي كان أقدم مصوري العمارة، فقد بصره بخطأ طبي، فأضحت هي عينه التي يبصر بها. حصلت على شهادة ممارسة المهنة عام 1962 من وزارة الإرشاد آنذاك ولم تتجاوز 16 عاماً، وواجهت العادات والتقاليد التي كانت تغل يد المرأة وتقتل إبداعها.
سجنها ومسيرتها النضالية
تعرضت سميرة للاعتقال بسبب نشاطها السياسي عام 1963، وصودرت كاميرتها وأودعت السجن في بغداد بعد أن صدر عليها حكم الحبس لخمس سنوات. الصلابة التي كانت تتميز بها أصبحت مضربا للأمثال رغم حداثة سنها وهي بنت 17 سنة، جمعها سجن النساء بشخصيات نسوية كبيرة، ونتيجة تعرضها لوعكة صحية نقلت للمستشفى في بغداد.
وصل خبر اعتقالها ووضعها الصحي الحرج للكاتب والفيلسوف البريطاني برتراند راسل داعية السلام، فنظم على إثرها حملة واسعة لإطلاق سراحها شاركه فيها رؤساء وقادة دول أمثال خروشوف وأنديرا غاندي، مما ولد ضغطاً على العراق الذي كان يرأسه حينها عبد السلام عارف، وأطلق سراحها.
لم يدم أمرها خارج السجن طويلا، فعاودت السلطات اعتقالها مرة أخرى، لتقضي طورا من حياتها متنقلة بين سجون بغداد والعمارة والبصرة، ولم يطلق سراحها إلا بعد مقابلة والدها الضرير للرئيس عبد الرحمن عارف والتماسه بالإفراج عنها.
ثم افتتحت استوديو خاصاً بالتصوير ومارست مهنتها بكل احترافية، رغم المراقبة الأمنية التي كانت لصيقة بها والتفتيش المستمر المصحوب بتكسير أدوات التصوير خاصتها، فغيرت مكان عملها حتى استقرت في استوديو ضمنته بيتها.
شاركت إبان حرب الخليج الأولى في تنظيم مظاهرة بمدينة العمارة، عكست غضب الشارع الميساني على سوء الأوضاع والتعرض لحرب خاسرة بعد اجتياح دولة الكويت، وقد تعرض منزلها لقصف صاروخي من قبل قوات التحالف، أخطأ هدفه ووقع في الباحة الخلفية للمنزل.
A post shared by Alsumaria TV-قناة السومرية (@alsumariatv)
فكرها وتوجهها
نذرت سميرة مزعل عمرها لعملها، لكنه لم يشغلها عن إكمال مسيرة حياتها وإبداعها. فكانت زوجة وأماً كما كانت أختاً، ولا زالت مواقفها عالقة في أذهان أبناء مدينتها، وقد عرف عنها إيواء المحتاجين فنادراً ما يكون بيتها فارغا من مسكين جائع أو مشرد وجد عندها المأوى.
تميزت بفكرها المتحرر، وكان اهتمامها بالتوصوير يصب بين وضع المرأة الميسانية ومعاناتها، وبين بؤس المشردين والمعدمين، وبين حياة سكان الأهوار، ومناظر المدينة التي تخترقها الأنهار. شاركت في المعارض الفنية المحلية والدولية، التي حصدت خلالها جوائز وشهادات تقديرية.
"رحال"
وكان لبرنامج "رحال" الذي يُعرض على قناة السومرية من تقديم الإعلامي علاء بتي لقاءً مميزاً مع سميرة مزعل التي عادت في ذاكرتها لأحداث الماضي وروت ما عاشته من مأساةٍ وأفراحٍ ومواقف. حكَت عن صورٍ خاصة بها كلُّ واحدةٍ لها قصة، وصور لنساءٍ سجينات تعكس مرارة الواقع وألم الماضي. كل ذلك بوجه مميز لم تفارقه الابتسامة على الرغم من مقدار الألم الذي عاشته.
انقر هنا لمتابعة اللقاء في برنامج "رحال"