إسهال مائي مفاجئ وحاد لكن بدون آلام بالبطن ولون مائل للبياض، مصحوب بقيء شديد، مع ارتفاع حرارة الجسم والخمول والعطش، وليس بعيداً قلة الإدرار وانخفاض ضغط الدم، من يلاحظها لديه أو لدى قريب منه عليه التوجه فوراً لأقرب مركز صحي، فهي ليست أعراض مغص معوي عابر، وإنما مؤشرات الكوليرا القاتلة.
بكتيريا الكوليرا الخطيرة تتفشى هذه الأيام بعدة مناطق في بغداد ومحافظات أخرى، وفي مستشفى
أبو غريب غربي بغداد وحده، حيث بؤرة المرض، سجل نحو 189 حالة إصابة توفي منها أربعة، وثمة حراك واسع النطاق من اجل احتوائها، وتنبيه الناس بسبل العلاج والوقاية منها.
المشكلة جدية
"الكوليرا ظهرت في أطراف بغداد والفرات الأوسط والجنوب ومنها بمحافظة
الديوانية، بسبب تلوث المياه والأغذية"، هكذا تقول عضو
لجنة الصحة والبيئة النيابية سهام
الموسوي.
وتضيف الموسوي في حديث لـ
السومرية نيوز، "عدم كفاية الكلور ومواد التعقيم الى جانب ركود المياه، هي من أبرز العوامل التي أدت الى ظهور بكتيريا الكوليرا"، مبينة أن "لجنة
الصحة النيابية تتابع الأمر مع
وزارة الصحة لتوفير الأدوية اللازمة ومعقمات المياه، وكذلك زيادة الوعي الصحي لمنع حصول إصابات جديدة".
أما معاون مدير الصحة العامة في الوزارة محمد جبر يقول في حديث لـ السومرية نيوز، إن "الوزارة بدأت بإجراءات ومتابعة للمؤسسات المعنية، مع وجود رقابة صحية للماء، إضافة الى متابعة الجهات البلدية من حيث توفير الماء الجاهز والصهاريج في المناطق التي لا تتوفر فيها مياه صحية".
ويضيف جبر، أن "الوزارة تقوم بتوفير حبوب التعقيم، لكن ثمة حاجة لتعزيز التوعية وتثقيف للمواطن، بأن لا يشرب أي مياه يشك فيها أو غير صالحة"، مبينا أن "الوزارة تقوم حاليا بالتنسيق مع الجهات الدولية لإصلاح شبكات ومجمعات المياه".
ويشير جبر الى، أن "عدد الإصابات لغاية الآن بلغ 41 إصابة مؤكدة، توفى منهم 8 أشخاص".
جذور المرض
يقول
محافظ بغداد علي التميمي في حديث لـ السومرية نيوز، إن "الأنهر ملوثة بسبب توجيه مياه الصرف الصحي عليها، وخاصة نهر دجلة في بغداد، الأمر الذي تتأثر به أيضا المحافظات الجنوبية"، مبينا أن "التطور في معالجة المخلفات ما زال بسيطا في بغداد".
ويؤكد
التميمي "أهمية توعية المواطن بالإرشادات والإجراءات الصحية اللازمة، فضلا عن التعامل مع الإصابات بشكل ايجابي"، مؤكدا "إصابة 62 شخصا في منطقة أبو غريب، الى جانب ثلاث إصابات في مستشفى اليرموك وثلاثة أخرى في مستشفى
المحمودية".
ويشير التميمي أن "
الأمم المتحدة متمثلة بمنظمة اليونسيف أرسلت 50 ألف علبة حبوب تعقيم، فيما قام
مجلس الوزراء بتخصيص مليون صندوق ماء معقم للمناطق التي ظهرت فيها إصابات".
الأوساط الناقلة
يلتقط المرء الكوليرا نتيجة شرب ماء أو تناول طعام ملوث بالبكتيريا، وحسبما يقول أخصائي الجهاز الهضمي، سعيد حامد، فإن "مصادر العدوى تشمل تناول طعام نيئ أو سيئ الطبخ، والفواكه والخضر غير النظيفة".
ويوضح حامد، أن "الأغذية عادة ما تكون عرضة للتلوث بالبكتيريا أثناء التجهيز أو التخزين"، مبينا أن "فضلات المصاب أخطر ما يكون وهي المصدر الرئيسي للتلوث، ويمكن للذباب أن يلعب دوراً في انتشار المرض".
ويبين حامد، أن "البكتيريا عادة ما تعيش في المستنقعات والمياه الراكدة ومياه المجارى، وكذلك في
الأنهار المالحة قليلا والمياه الساحلية، وينتشر المرض في المناطق التي لا تعالج فيها مياه المجاري"، محذرا من أن "الكوليرا تحدث مخاطر كبيرة في المجتمعات المكتظة بالسكان وبيئات اللاجئين التي تتسم بسوء المرافق الصحية ومياه الشرب غير النقية".
أعراض خادعة
غالبية المصابين بالكوليرا لا تظهر لديهم أعراض، بحسب الطبيب حامد، غير أنهم ربما يصابون بإسهال خفيف إلى متوسط يصعب تفريقه عن الإسهال العادي، وبالتالي يكونون ناقلين للعدوى في حدود أسبوع الى أسبوعين.
ويوضح حامد، أن "أعراضاً أخرى أكثر حدة تظهر لدى بعض المرضى، ومنها نوبات متكررة من الإسهال المائي المفاجئ والحاد لا يصاحبه آلام بالبطن و يكون لونه أصفر في البداية ثم يصبح أبيضاً، الى جانب قيء شديد"، مبينا أن "فقدان سوائل الجسم والأملاح يجعل المريض يصاب بتقلص في العضلات، مع ارتفاع درجة حرارة الجسم".
ويجري التأكد من الإصابة بالكوليرا عن طريق فحص عينة من خروج المريض والكشف عن وجود البكتيريا المسببة للمرض بها.
طرق العلاج
للوقاية من المرض فى الأماكن الموبوءة، يجب عزل المرضى المؤكد إصابتهم، والتخلص من فضلاتهم بطرق صحية، فضلا عن غلي الألبان وماء الشرب، الى جانب طهي الطعام جيدا وإبعاده عن الذباب.
ويقول الطبيب سعيد حامد، أن "المصابين يجري إعطاؤهم المصل الواقي من الكوليرا، وحقن تحت الجلد أو بالعضل"، مبينا أن "المريض يجري عزله مع الراحة التامة بالفراش، وينصح الإكثار من تناول السوائل و العصائر بالفم".
ويوضح حامد، أن "كبسولات (تتراسيد)، تدخل أيضا ضمن العلاج، بواقع كبسولتين كل 6 ساعات لمدة خمسة أيام، مع أقراص (هوستاسايكلين) 500 ملغم، بواقع قرص كل 6 ساعات لمدة خمسة أيام أيضاً".
وكانت
منظمة الصحة العالمية، الأحد (20 أيلول 2015) اتخاذ كل التدابير اللازمة لدعم وزارة الصحة ومكافحة مرض الكوليرا في
العراق على وجه السرعة، مؤكدة أن الإصابات ما زالت مقتصرة على عدد محدود من المحافظات، فيما استبعدت وجود مخاطر من انتشار الكوليرا على الصعيد الدولي.