وارتفعت مشتريات الهند من النفط الروسي إلى مستويات قياسية جديدة في أبريل/نيسان، إذ تسعى نيودلهي إلى الاستفادة من الخصومات الكبيرة التي تعرضها موسكو على خاماتها.
وبالتزامن مع زيادة واردات الهند من النفط الروسي تراجعت بصورة
أكبر حصة الدرجات في
الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أدنى مستوى لها في 22 عاما على الأقلّ، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وركزت البيانات على نسب حصص واردات الهند من النفط دون التركيز على أحجام الصادرات من دول
الشرق الأوسط خاصة السعودية، التي تكشف الأرقام -التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة- أنها لم تتأثر، كما أن تراجع النسبة جاء مع زيادة حجم الواردات.
*النفط الروسي
تشهد مصافي التكرير في الهند، ثالث
أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم، موجة شراء للنفط الروسي، بعد أن تجنّبت بعض الدول عمليات الشراء من موسكو بسبب غزوها أوكرانيا في فبراير/شباط من العام الماضي.
وأظهرت البيانات أن ثالث
أكبر اقتصاد في آسيا استورد نحو 1.9 مليون برميل يوميًا من النفط الروسي في أبريل/نيسان بزيادة 4.4% عن الشهر السابق، وهو ما يمثّل نحو 20% من مشتريات البلاد الإجمالية، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
ورفعت واردات الهند من النفط الروسي المرتفعة حصة بلدان رابطة الدول المستقلة -أذربيجان وقازاخستان وروسيا- إلى 43.6% من إجمالي 4.81 مليون برميل يوميًا، استوردتها الهند الشهر الماضي.
ظلّت روسيا
أكبر مورّد للنفط للهند للشهر السادس على التوالي في أبريل/نيسان، تليها
العراق والسعودية، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
*واردات الهند من الشرق الأوسط
أظهرت البيانات أن واردات الهند من النفط الروسي أدت إلى تراجع حصة الدرجات
الشرق أوسطية، التي كانت تمثّل تقليديًا الجزء الأكبر من إجمالي واردات النفط، إلى نحو 44%، والنفط الأفريقي إلى 3.4%، الشهر الماضي.
وأشارت البيانات إلى أن واردات الهند النفطية من العراق في أبريل/نيسان تراجعت 3.1% عن الشهر السابق إلى أدنى مستوى في 4 أشهر، عند 928.4 ألف برميل يوميًا.
كما انخفضت الواردات من
السعودية 11% إلى 723.8 ألف برميل يوميًا، وهو الأقلّ في 5 أشهر، وفق البيانات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأظهرت البيانات أن انخفاض مشتريات النفط من
الشرق الأوسط دفع حصة أوبك من واردات النفط الهندية إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 46%.
*تضارب البيانات
تجاهلت البيانات -التي نشرتها وكالة رويترز- المقارنة على أساس أحجام الصادرات خاصة من دول الخليج العربي، وفي مقدمتها السعودية، إذ تظهر الأرقام استقرارها إلى حد
كبير.
وعلى سبيل المثال، في فبراير/شباط الماضي، جاءت
السعودية في المرتبة الثالثة في قائمة
أكبر الدول المصدرة للنفط إلى الهند بأحجام 647.8 ألف برميل يوميًا من النفط، وفي أبريل/نيسان الماضي ارتفعت إلى 723.8 ألف برميل يوميًا.
وتؤكد أرقام العديد من الرسومات البيانية والأرقام المنشورة لدى شركات الشحن، أن صادرات دول الخليج بوجه عام والمملكة بوجه خاص إلى الهند والصين مستقرة عند الكميات نفسها، وهو ما يخالف ما ينشره الإعلام الغربي الذي دائمًا ما يحاول التركيز على النسب فقط دون الإشارة إلى زيادة الطلب.
وعلى سبيل المثال، إذا كانت واردات الهند 1000 برميل (200 من السعودية، و200 من روسيا، و600 من دول أخرى)، فهذا يعني أن نصيب
السعودية من ناحية النسبة 20%، وحال ارتفعت الواردات الكلية إلى 1100، وجاءت الـ 100 الزيادة من نصيب روسيا، فهذا يعني أن الواردات من
السعودية لم تتغير (كما هي 200)، ولكن الواردات من روسيا زادت من 200 إلى 300.
ومع زيادة الواردات فإن النسب فقط هي التي تتغير، ولكن أحجام الصادرات كما هي، وهذه التفاصيل المهمة تجاهلها تقرير رويترز، وعند النظر إلى الرسومات الملحقة بتقرير أوبك نجدها ركزت على دول أوبك، وهو أيضًا يخفّض من نسب وليس أحجام دول الخليج.
ويرى خبراء أنه ليس من المنطقي في ظل انخفاض أسعار النفط الروسي أن تستورد الهند من شمال وغرب أفريقيا، وهذه الدول تتضمن ليبيا والجزائر ونيجيريا، -كلها دول ضمن منظمة أوبك- بأسعار تزيد بأكثر من 20 دولارًا للبرميل عن الخامات الروسية.
وتؤكد أرقام واردات الهند من النفط أن روسيا لم تأخذ من حصة السعودية، ولكن الطلب على النفط يزيد في الهند التي قررت أن تعوّض الزيادة من النفط الروسي.
الإنفوغرافيك التالي يستعرض حصص الدول من إجمالي واردات الهند من النفط (مارس 2020 -مارس 2022):
*صفقات الهند وروسيا
قال مسؤول تكرير هندي في مصفاة هندية: "قطعت المصافي الهندية مشترياتها الفورية من خامات
الشرق الأوسط وغرب أفريقيا لأنها تحصل على إمدادات النفط الروسي بأسعار منخفضة".
ودعم ارتفاع واردات الهند من النفط الروسي رفع شركة النفط الهندية،
أكبر شركة تكرير في البلاد، حجم صفقة الاستيراد السنوية مع روسنفط.
ودفعت زيادة واردات الهند من النفط الروسي الدولَ الغربية إلى توجيه انتقادات إلى نيودلهي واتّهامها بانتهاك العقوبات المفروضة على صادرات موسكو من الطاقة.
وترى الدول الغربية أن سلوك الهند يُعدّ تحديًا صريحًا للعقوبات المفروضة على روسيا، لتجفيف منابع تمويل حربها على أوكرانيا.
كان مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف "سيرا" قد وضع الهند في قائمة الدول التي تستعملها موسكو لـ"غسل" خامها وبيعه في الأسواق الأميركية والأوروبية، بعد تكريره، رغم العقوبات.
ورفضت الهند الاتهامات، معللةً عمليات الشراء الآخذة في الزيادة بحجم الاستهلاك الضخم محليًا، وامتلاكها قدرات تكرير هائلة.