تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء في السودان وسط أزمات سياسية متصاعدة

السومرية نيوز – دوليات

في مشهد دراماتيكي، هبط كامل إدريس، رئيس وزراء سلطة بورتسودان الجديد، في مطار المدينة، ليسجد على السجادة الحمراء في لحظة اعتبرها البعض تعبيراً عن طموح شخصي يتجاوز واقع السودان المأزوم.

هذا المشهد، الذي وثقته عدسات الكاميرات، أثار جدلاً واسعاً، حيث يرى مراقبون أن تعيين إدريس سيُشعل صراعاً محتدماً بين الأطراف السياسية الداعمة للجيش، خاصة الحركات المسلحة، في ظل ضغوط ومخططات تهدد بإعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد.

ضغوط الحركة الإسلامية وصراع الوزارات

تواجه حكومة إدريس تحديات معقدة منذ اللحظة الأولى، حيث تمارس الحركة الإسلامية ضغوطاً مكثفة على رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، الذي قاد انقلاب أكتوبر 2021 على الحكومة المدنية لتشكيل حكومة تضم قيادات من الصف الثاني في الحركة، مع الترويج لهم كـ"تكنوقراط" لإضفاء شرعية مدنية على التشكيلة.

في الوقت ذاته، تسعى أطراف مقربة من البرهان إلى إبعاد الحركات المسلحة عن الوزارات الحيوية، مثل المالية والمعادن، في محاولة لتقليص نفوذها. هذا التوجه يأتي في سياق مراجعة سلطة بورتسودان لنسبة مشاركة الحركات المسلحة، التي كانت تُشكل 25% من هياكل السلطة، حيث تسعى السلطة لتقليص هذه النسبة بعد الخسائر التي مُنيت بها الحركات في معارك كردفان ودارفور.

سيرة مثيرة للجدل واتهامات سابقة

يحمل كامل إدريس سجلاً مثيراً للجدل، حيث ارتبط اسمه باتهامات بتزوير تاريخ ميلاده أثناء رئاسته للمنظمة الدولية للملكية الفكرية (ويبو)، مما أثار تساؤلات حول مصداقيته. على الرغم من نفي المنظمة أن التغيير كان لتمديد ولايته، إلا أن الاتهامات ظلت تلاحقه، مضيفةً تحدياً آخر إلى صورته كرئيس وزراء يُفترض أن يقود حكومة تواجه أزمات معقدة.

مدنية مزيفة وانتقادات شعبية

يصف الناشط السوداني إبراهيم برسي وصول إدريس بأنه "هبوط سيرة ذاتية مفبركة"، مشيراً إلى أن اختياره يعكس محاولة لتلميع صورة السلطة بـ"مدنية مغشوشة" تخفي سيطرة عسكرية. في منشور على صفحة لجان المقاومة السودانية، يقول برسي: "إدريس ليس سوى دمية تتحدث بلغة أممية، لكنها تعمل ببطارية عسكرية." ويضيف ساخراً: "السجادة الحمراء لم تخفِ وخز الواقع، والسجود لم يكن إلا استعراضاً سياسياً يخدم الطموح الشخصي." يرى برسي أن هذا المشهد يجسد "وطناً يصفق لنهايته من الزاوية الخطأ"، حيث تُسوَّق الهزيمة كوطنية مصقولة بإخراج سياسي.

أزمات تنتظر الحكومة الجديدة

يتوقع الكاتب الصحفي عبد الماجد عبد الحميد أن يواجه إدريس سلسلة من الأزمات فور أدائه اليمين الدستورية. من بينها استمرار الحرب الدائرة في عامها الثالث، التي أنهكت البلاد، والحاجة الملحة لإعادة الإعمار. كما تلوح في الأفق العقوبات الأمريكية على قادة الجيش بسبب استخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين. ويضيف عبد الحميد أن خطط إدريس لإعادة تشكيل الحكومة، بما في ذلك إعفاء الوزراء الحاليين بعد عيد الأضحى، قد تُفاقم التوترات مع الحركات المسلحة والأطراف السياسية الأخرى. ويشير إلى أن سجود إدريس على السجادة الحمراء قد يكون محاولة لتقديم صورة رمزية، لكنه يظل رجلاً وصل إلى منصب طالما سعى إليه عبر تحالفات ومشاورات مكثفة.

تحديات وجودية

تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء في سلطة بورتسودان يفتح الباب أمام صراعات سياسية معقدة، في ظل ضغوط الحركة الإسلامية، ومحاولات إضعاف الحركات المسلحة، وتحديات الحرب والعقوبات الدولية. وبينما يحاول إدريس تقديم نفسه كقائد مدني، يرى مراقبون أن التحديات التي تنتظره قد تكون أكبر من طموحاته، في بلد يعاني من أزمات وجودية تهدد استقراره، وصراع سلطة محتدم بين أجنحة سلطة الانقلاب.